kawalisrif@hotmail.com

حزب الشعب الإسباني يستعرض عضلاته في ملف الصحراء .… لقاء مع “البوليساريو” في جزر الكناري يفتح مواجهة جديدة مع الرباط

حزب الشعب الإسباني يستعرض عضلاته في ملف الصحراء .… لقاء مع “البوليساريو” في جزر الكناري يفتح مواجهة جديدة مع الرباط

في خطوة تكشف تصعيدًا سياسيًا مقصودًا، عاد حزب الشعب الإسباني (PP) إلى استعمال ورقة ملف الصحراء المغربية لاستفزاز الرباط، وذلك خلال أسبوع اتسم بتعدد المبادرات البرلمانية الساعية إلى التراجع عن الموقف الإسباني الداعم لسيادة المغرب ومقترح الحكم الذاتي كحلّ وحيد واقعي للنزاع.

ففي عاصمة جزير الخالدات غران كناريا، عقد خمسة نواب إسبان من حزب الشعب، يتقدّمهم النائب عن ألافا كارميلو بارّيو، اجتماعًا علنيًّا مع ممثلين عن ميليشيا البوليساريو، في خطوة تُدرك مدريد قبل غيرها أنّها لن تمرّ دون ردّ من الرباط، لاسيما وأنها جاءت في توقيت تُعيد فيه الأوساط السياسية في إسبانيا فتح النقاش حول الموقف الرسمي من الصحراء.

بارّيو، الذي حاول تقديم نفسه كمدافع عن “حق تقرير المصير”، وصف تحوّل حكومة بيدرو سانشيث نحو الموقف المغربي بأنه “خطأ يجب تصحيحه”، داعيًا الحكومة إلى توفير مزيد من الدعم المالي لـ“المخيمات”. وهي تصريحات يقدّمها اليمين المحافظ الإسباني كلما ضاق به رصيد النقاش الداخلي، أو بحث عن أوراق ضغط على السلطة التنفيذية في مدريد.

اللافت أن حزب الشعب يواصل هذا التحرك في الوقت الذي قطع فيه الحزب الاشتراكي (PSOE) علاقته بالبوليساريو، بل ذهب بعيدًا في دعم حركة “سُهاراويون من أجل السلام” التي يعتبرها تقرير للاستخبارات الإسبانية امتدادًا لرفض واسع داخل الصحراويين لاحتكار الجبهة للتمثيل السياسي، واعترافًا عمليًا بأنّ مشروع الانفصال لم يعد يُقنع حتى جزءًا من سكان المخيمات.

وقد احتضن مجلس جزيرة غران كناريا اللقاء الذي شارك فيه أيضًا اثنان من أعضاء مجلس الشيوخ وعضو مجلس التضامن الدولي في الجزيرة كارميلو راميريث، المعروف بتشبثه بالأطروحات الانفصالية.

والمثير أن الخطوة جاءت مباشرة بعد تصويت الكونغرس على ثلاث مبادرات؛ إثنان منهما من حزب الشعب ينتقدان موقف سانشيز ويطالبان بالمزيد من التمويل للمخيمات، وثالثة من حزب سومار تدعم استفتاء تقرير المصير، وهو طرح تجاوزه السياق الدولي منذ سنوات.

أما الحزب الاشتراكي فاختار الامتناع أو التصويت ضد هذه المبادرات، في ظل تمسّك مدريد الرسمية بموقفها الجديد تجاه المغرب.

ممثّل ما يسمى بالجبهة في الكناري اليسالم سيدي زين يعا اعتبر اللقاء “رسالة قوية”، متحدثًا بما سماه “نصف قرن من الوضع الاستعماري”، وهي اللغة التي تكررها الجبهة رغم أنّ الأمم المتحدة نفسها تصف النزاع بأنه قضية سياسية بين أطراف، وأن الحل الواقعي يتأسس على مقترح الحكم الذاتي المغربي.

كما حاول سيدي زين استحضار سرديات قديمة حول “القمع” و“المعاناة”، رغم أن الوضع الميداني يؤكد أن من يعيش فعليًا في ظروف اللجوء هم المحتجزون في مخيمات تندوف داخل الأراضي الجزائرية، حيث لا حضور قانونيًا واضحًا للدولة المضيفة ولا حماية أممية حقيقية.

وفي الوقت الذي يتحدث فيه ممثلو الجبهة عن “الاستقلال الوهمي”، تؤكد قرارات مجلس الأمن الأخيرة على ضرورة حل سياسي واقعي ودائم، مشددة على دور المغرب ومقترحه الجاد للحكم الذاتي، ومع التذكير دائمًا بأن خيار الاستفتاء أصبح غير قابل للتطبيق منذ سنوات طويلة.

التحركات الأخيرة لحزب الشعب لا تُقرأ خارج سياق الضغط السياسي والانتخابي داخل إسبانيا، فالقضية بالنسبة لليمين الإسباني ليست “مبدأً”، بل ورقة لتسجيل النقاط على الحزب الاشتراكي، ومحاولة للتقرب من قاعدة انتخابية تقليدية داخل جزر الكناري.

أما المغرب، الذي رسّخ موقعه الدبلوماسي في هذا الملف عبر دعم متصاعد دوليًا لمبادرة الحكم الذاتي، فهو ينظر إلى هذا النوع من المناورات باعتباره ضجيجًا سياسيًا موسميًا، سرعان ما ينطفئ أمام الموقف الرسمي في مدريد وأمام وزن العلاقات المغربية–الإسبانية القائمة على المصالح الإستراتيجية المشتركة.

لقاء حزب الشعب بالبوليساريو ليس أكثر من فقاعة سياسية تعكس ارتباك المشهد الحزبي الإسباني، بينما يواصل المغرب تثبيت موقعه الإقليمي والدولي كقوة استقرار وشريك استراتيجي لا يمكن تجاوزه.

20/11/2025

مقالات خاصة

Related Posts