تشهد أروقة البرلمان الأوروبي حراكاً لافتاً، بعدما فعّل عدد من البرلمانيين المعروفين بولائهم التقليدي لجبهة “البوليساريو” تحركات سريعة لعرقلة المسار الجديد الذي أطلقته المفوضية الأوروبية لإعادة تحديث شراكتها التجارية مع المغرب، بما يشمل منتجات الأقاليم الجنوبية. وكشفت منصة يوراكتيف أن هذا التيار اليساري يستعد لتقديم اعتراضات واسعة على مقترحات المفوضية، مع فتح الباب أمام احتمال الطعن القانوني إذا ما استمرت بروكسيل في إدماج الصحراء ضمن نطاق الاتفاقيات التجارية.
وتأتي هذه الخطوة في وقت تحاول فيه المفوضية الأوروبية تسريع مفاوضات تجديد اتفاق الصيد البحري مع المغرب، وهو الاتفاق الذي ظل معلّقاً منذ يوليوز 2023، لكنه يُعد شرياناً اقتصادياً حيوياً لأساطيل إسبانية وبرتغالية وفرنسية تعتمد بشكل كبير على المياه المغربية. المفوض الأوروبي المكلف بالصيد والمحيطات، كوستاس كاديس، أكد أن المقترح الجديد أُحيل رسمياً إلى الدول الأعضاء من أجل مباشرة المباحثات مع الرباط، واصفاً ذلك بأنه تطور مهم في العلاقات الثنائية، خاصة بعد حكم محكمة العدل الأوروبية الذي أسقط الاتفاقين السابقين.
غير أن هذا التحول الدبلوماسي جاء في سياق دولي تغيّرت فيه الكثير من المعادلات، خصوصاً بعد قرار مجلس الأمن الذي اعتبر مبادرة الحكم الذاتي المغربية أساساً واقعياً وجدّياً وذا مصداقية للحل. وهو قرار أعاد رسم ملامح النقاش داخل الاتحاد الأوروبي، حيث باتت شريحة واسعة من المؤسسات الأوروبية تتعامل مع المغرب كشريك استراتيجي لا يمكن تجاهله، في مقابل تمسك التيار الداعم للبوليساريو بخطاب متجاوز لم يعد يجد الصدى نفسه كما في السابق.
وفي موازاة هذه التحركات، جاءت الخطوة التي أقدم عليها المغرب والاتحاد الأوروبي مطلع أكتوبر الماضي بتوقيع الرسائل المعدّلة الخاصة بالاتفاق الفلاحي، والتي تتيح للمنتجات القادمة من العيون والداخلة الولوج إلى السوق الأوروبية بالامتيازات نفسها الممنوحة لباقي المنتجات المغربية. خطوة وُصفت داخل بروكسيل بأنها ضربة جديدة لخصوم المغرب، خاصة بعد إدراج ملصقات منشأ واضحة تُبرز الأقاليم الجنوبية كمصدر للإنتاج بشكل شفاف ومباشر.
وبينما يستعد اللوبي المؤيد للبوليساريو لمعركة سياسية داخل البرلمان الأوروبي، يبدو المغرب اليوم أكثر ثقة واستقراراً في موقعه التفاوضي، مدعوماً بتغير في المزاج الأوروبي وبتطورات دبلوماسية أممية صبت جميعها في اتجاه واحد: أن الشراكة مع الرباط باتت خياراً استراتيجياً، وأن محاولات التشويش عليها لم تعد تملك القوة نفسها لإيقاف المسار الذي انطلق بالفعل.
21/11/2025











