خلصت مؤسسة وسيط المملكة، في دراسة تحليلية اعتمدت على تقارير مؤسساتية متعددة، إلى أن حكامة العرض الصحي في المغرب ما تزال تواجه تحديات بنيوية متشابكة تمنعها من مواكبة التحولات الديمغرافية وتزايد الطلب على الخدمات الطبية. وأبرز التقرير أن النموذج المركزي الذي اعتمدته المنظومة الصحية لعقود لم ينجح في ترجمة التقسيم الجهوي إلى توزيع عادل للموارد البشرية والمادية، فيما يفاقم ضعف التنسيق بين المستويات الإدارية مظاهر الهدر وغياب النجاعة.
ومن خلال تحليل وثائق صادرة عن مؤسسات عدة، من بينها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وقف التقرير على هشاشة التمويل الصحي باعتباره الحلقة الأضعف في منظومة الحكامة، سواء بسبب محدودية الميزانيات أو غياب آليات تربط التمويل بجودة الخدمات. كما كشفت مؤسسة الوسيط أن التعقيدات الإدارية والمالية لا تزال تشكل عائقاً رئيسياً أمام استفادة المواطنين من حقوقهم في التعويض والتغطية الصحية، ما يستدعي تبسيط المساطر وإرساء نظام تتبع إلكتروني فعال. وأظهر تحليل الشكايات اختلالات واضحة في تدبير الموارد البشرية، سواء على مستوى الخصاص أو غياب التحفيز والتوزيع المتوازن للكفاءات بين الجهات.
وأكد التقرير أن غياب منظومة معلومات صحية مهيكلة يحد من قدرة الدولة على اتخاذ قرارات مبنية على معطيات دقيقة ومحينة، في ظل ندرة البيانات المفتوحة وضعف الشفافية. واعتبرت مؤسسة الوسيط أن ضمان الحق في الصحة يتطلب ثقافة مرفقية جديدة تقوم على الإنصاف والكرامة والمسؤولية المشتركة، وأن تحقيق الإصلاح لا يرتبط بكمية المشاريع بقدر ما يرتبط بمدى تجديد أساليب الحكامة. وفي منظورها، تشكل الوساطة المؤسساتية رافعة محورية لإعادة بناء الثقة بين المواطن والدولة، من خلال الانتقال من معالجة الشكايات الفردية إلى تطوير آليات للإصغاء والتصحيح المنتظم، بما يرسخ دور الدولة كفاعل يتعلم من مواطنيه بقدر ما يؤطرهم ويستجيب لانتظاراتهم بفعالية ووضوح.
21/11/2025











