أثار إعلان المغرب اقتناء عشر مروحيات من طراز H225M من شركة إيرباص موجة من القلق داخل الأوساط العسكرية الإسبانية، حيث اعتبر محللون أن هذه الخطوة تتجاوز مجرد تحديث الأسطول القديم للقوات الجوية، لتشكّل تحوّلًا ملموسًا في القدرة على مراقبة المياه البحرية وإجراء عمليات البحث والإنقاذ قرب جزر الكناري.
صحيفة El Independiente الإسبانية أشارت إلى أن المغرب يقترب من امتلاك إمكانيات تدخل جوي متطورة في مناطق تُعدّ حساسة بالنسبة لإسبانيا، في ظل تنافس إقليمي محتدم على النفوذ البحري. وتضيف التحليلات أن الرباط لا يقتصر على استبدال مروحياته القديمة من طراز “بوما” التي خدمت لأكثر من أربعة عقود، بل يسعى أيضًا لتعزيز وجوده العملياتي في المنطقة الاقتصادية الخالصة جنوب أرخبيل الكناري.
تتمتع H225M بقدرات متقدمة تمنح القوات الجوية المغربية ميزة استراتيجية، خصوصًا في مهام الإنقاذ والعمليات الخاصة، حيث توفر مدى أطول وتجهيزات تقنية لا تتوفر لدى القوات الإسبانية في مهام مماثلة. وكان برونو إيفن، رئيس شركة إيرباص، قد أكد أن الصفقة جزء من خطة شاملة لتحديث أسطول المروحيات المخصص لمهام البحث والإنقاذ القتالي، مشيرًا إلى الطابع الاستراتيجي للعلاقة الطويلة بين الشركة والمغرب، واعتبار الطراز H225M معيارًا عالميًا في العمليات الحساسة.
تشمل تجهيزات المروحيات رافعتين مزدوجتين، وكشاف بحث عالي الدقة، ومنظومة Safran Euroflir 410، مع إمكانية تركيب رشاشات وأنظمة حرب إلكترونية للحماية الذاتية، ما يعزز قدرة المغرب على العمل في بيئات معقدة وعلى مسافات طويلة. كما يتضمن العقد حزمة واسعة من خدمات الدعم والصيانة، مع توسع شركة إيرباص داخل المغرب من خلال مركز مخصص لخدمة العملاء، والذي من المتوقع أن يتحول إلى منصة إقليمية للصيانة والإصلاح لصالح أساطيل المروحيات في غرب إفريقيا.
تأتي هذه الصفقة ضمن استراتيجية المغرب المتواصلة لتحديث قواته المسلحة وبناء ترسانة دفاعية متكاملة تتماشى مع التحديات الأمنية الإقليمية. بالتوازي مع الاستثمارات الخارجية، يواصل المغرب تطوير صناعة دفاعية محلية، مستقطبًا شركات من الولايات المتحدة والهند وإسرائيل. فقد تم مؤخرًا افتتاح مصنع لشركة تاتا الهندية في برشيد لإنتاج المركبات العسكرية، في حين شرعت شركة بلو بيرد الإسرائيلية في إنشاء وحدة لإنتاج الطائرات المسيّرة الانتحارية من طراز Spy X في بنسليمان، في خطوة تؤكد السعي نحو سلسلة تصنيع محلية مرتبطة مباشرة بالاحتياجات العملياتية.
تعكس هذه التحركات العسكرية والصناعية تحولًا واضحًا في فلسفة تحديث المغرب للدفاع، من مجرد اقتناء معدات جديدة إلى بناء منظومة متكاملة للجاهزية والردع، وهو ما يفسّر التوجس المتزايد في مدريد إزاء التوسع السريع لقدرات الرباط البحرية والجوية، في وقت تُجبر فيه إسبانيا على إعادة تقييم خياراتها لمواكبة هذا التطور المتسارع.
22/11/2025











