kawalisrif@hotmail.com

“التحرّك الجزائري” في مسار الصحراء.. قراءة في مناورة خارجية مرتبطة بحسابات داخلية

“التحرّك الجزائري” في مسار الصحراء.. قراءة في مناورة خارجية مرتبطة بحسابات داخلية

سارعت جبهة البوليساريو إلى الإشادة بتصريحات وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف بشأن استعداد بلاده للقيام بوساطة في نزاع الصحراء، إذ اعتبر مسؤول خارجيتها محمد يسلم بيسط أن المبادرة تعكس “نية واضحة للحل” شريطة أن تندرج داخل الإطار الأممي وتستند إلى قرارات مجلس الأمن. غير أن هذا التفاعل الإيجابي أثار استغراب المتابعين الذين رأوا فيه محاولة لتكريس الارتباط السياسي بين الجبهة والجزائر، وإلباس الدور الجزائري في النزاع غطاءً دبلوماسيا يهدف إلى إظهاره كطرف محايد رغم معطيات الواقع.

ويرى محللون أن المقترح الجزائري ليس سوى محاولة لإبعاد شبهة تورط الجزائر كطرف أصيل في النزاع، من خلال الترويج لدور الوسيط رغم عقود من الدعم السياسي والمالي والعسكري للجبهة. وفي هذا السياق، أوضح الباحث دداي بيبوط، في تصريح لجريدة كواليس الريف، أن القرارات الدولية الأخيرة، وعلى رأسها القرار 2797 الذي يضع الحكم الذاتي المغربي أساسا لأي حل واقعي، كشفت حدود المناورات الجزائرية، مؤكدا أن مبادرة الوساطة لا تنسجم مع تاريخ طويل من الاستثمار في التصعيد، ومحاولة فرض مقاربات لا تخدم الاستقرار في المنطقة المغاربية. وأبرز أن الجزائر التي ظلت تعتبر ملف الصحراء جوهر سياستها الخارجية منذ السبعينات، تجد نفسها اليوم أمام واقع دبلوماسي جديد يقلّص من مساحة المناورة التي اعتادت الاشتغال داخلها.

وفي قراءة أخرى، أكد محمد فاضل بقادة، رئيس مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية لحركة “صحراويون من أجل السلام”، أن هذا التحرك يأتي في ظرفية إقليمية ودولية دقيقة، بعد التحولات المتسارعة التي أعقبت القرار الأممي الأخير، والاتجاه الدولي نحو دعم الحلول الواقعية تحت السيادة المغربية. وأوضح أن الجزائر، المحاصرة بمحيط إقليمي مضطرب وتراجع في نفوذها التقليدي، تسعى عبر “الوساطة” إلى إعادة تموضع سياسي قبل أي مصالحة محتملة مع المغرب، خاصة في ظل حديث واشنطن عن قرب التوصل إلى تفاهمات تاريخية. ورجّح أن يكون الهدف الحقيقي هو تجنب مزيد من العزلة، ومحاولة تكييف خطابها الداخلي مع واقع دبلوماسي جديد بات يميل بشكل واضح لصالح الحكم الذاتي، بما يعيد تشكيل مشهد مغاربي أكثر استقرارا وتعاونا ويطوي صفحة عقود من التوتر.

23/11/2025

مقالات خاصة

Related Posts