kawalisrif@hotmail.com

تحقيق أمني :    شبكة تهريب المهاجرين بين المغرب واسبانيا … الرشاوي والاختفاء في قلب مضيق جبل طارق !

تحقيق أمني : شبكة تهريب المهاجرين بين المغرب واسبانيا … الرشاوي والاختفاء في قلب مضيق جبل طارق !

كشف التحقيق الذي قاده الحرس المدني الإسباني عن شبكة معقدة لتهريب المهاجرين عبر مضيق جبل طارق، كانت تعتمد على منظومة واسعة من الرشاوي امتدت من عناصر في الدرك الملكي المغربي إلى صيادين وحتى موظف مغربي، لتسهيل مرور المهاجرين من سبتة المحتلة إلى الجزيرة الخضراء. ما يثير القلق ليس فقط اتساع الشبكة، بل أيضًا الطريقة المحكمة التي صممت بها كل تفاصيل عملياتها، بدءًا من الاختباء وصولًا إلى التنقل بين المغرب وإسبانيا.

التنصتات الهاتفية، التي تم الحصول عليها بتفويض قضائي، أظهرت أن أفراد الشبكة كانوا يتحدثون بمنتهى الاعتياد عن كون بعض “الجنود المغاربة” يعملون لصالحهم، مقابل مبالغ مالية محددة، كما كشفوا عن وجود بيوت سرية لإيواء المهاجرين ووثائق مزورة لتسهيل عمليات العبور. وقد ابتكر هؤلاء ما وصفته التحقيقات بـ”قاموس إجرامي” خاص، تضمنت رموزًا وكلمات سرية مثل albañiles للإشارة إلى المهاجرين، وcueros للوثائق المزورة، وrojos لخفر السواحل المغربي.

وفق التفاصيل التي نشرتها صحيفة محلية بسبتة السليبة، كان القائمون على الشبكة يحددون كل عنصر بدقة: القوارب المزيفة أو قوارب الصيد كانت تنقل المهاجرين إلى مياه إسبانيا بينما تتظاهر عناصر الدرك بمطاردة قوارب فارغة، ما يسهّل مرور القوارب الحاملة للمهاجرين. المبالغ المدفوعة كانت محددة وواضحة، إذ بلغت 2.500 يورو لعناصر خفر السواحل المغربي و500 يورو لرئيس الميناء، مع مراعاة تفاصيل دقيقة مثل ملابس المهاجرين وساعات مرور دوريات الخدمة البحرية الإسبانية.

تُظهر التحقيقات أن الشبكة لم تكن مجرد مجموعة من المهربين العشوائيين، بل كانت هيكلية ومنظمة بدقة عبر الحدود، حيث يشرف البعض على تنسيق المهاجرين في المغرب، بينما يدير آخرون السواحل والمنازل السرية في سبتة المحتلة، فيما يتولّى متعاونون في الجزيرة الخضراء استقبال الوافدين وإدماجهم في شبكة الإخفاء. وكان المهربون يتنقلون بين سبتة والجزيرة الخضراء متظاهرين بأنهم ركّاب عاديون على العبّارات، لكن في الواقع كانوا يشرفون على كل مراحل العملية.

ولم يترك أفراد الشبكة أي تفاصيل للصدفة؛ فقد عرفوا أفضل الأيام للإبحار، أوقات تبديل الدوريات، النقاط العمياء في البحر، وحتى كيفية تصرّف المهاجرين إذا تم توقيفهم. وقد كانوا يشترطون على الوافدين أن يكونوا قادرين على النزول من جبل موسى مشيًا لتجنب نقاط التفتيش، ما يعكس المستوى العالي من التنظيم والتخطيط.

أسفرت عملية “باركيرا” عن اعتقال 11 شخصًا ووضعهم في السجن الاحتياطي، بينهم خمسة يُعتبرون قادة الشبكة، في خطوة مهمة نحو تفكيك هذا النمط من التهريب البحري، لكنها تطرح تساؤلات حول حجم الرشاوى وتأثيرها على الأمن الإقليمي في مضيق جبل طارق، والدور الذي يلعبه المغرب وإسبانيا في التصدي لهذه الشبكات العابرة للحدود.

الحادثة تعكس هشاشة الرقابة البحرية في مضيق جبل طارق، وتبرز أهمية التعاون بين المغرب وإسبانيا لمكافحة شبكات التهريب المنظمة، التي تستغل نقاط ضعف الحدود والمراقبة. كما تؤكد على ضرورة تعزيز دور السلطات المغربية في حماية السواحل، ورفع كفاءة المراقبة للحد من المخاطر الإنسانية والجنائية الناتجة عن هذه العمليات.

 

23/11/2025

مقالات خاصة

Related Posts