أكد محمد بنعليلو، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، أن الاعتماد على مؤشرات شكلية لتقييم فعالية السياسات العمومية لم يعد مقبولاً، مشدداً على أن التجارب أظهرت أن هذه المقاربات غالباً ما تنتج سرديات مؤسساتية بعيدة عن واقع المواطن، مع منح وهماً بالنجاعة وفتح الباب أمام مزايدات سياسية. وأوضح بنعليلو، خلال اللقاء الدراسي حول تقييم أثر سياسات مكافحة الفساد بالرباط، أن المرحلة الجديدة من التفكير العمومي تستدعي الانتقال من رصد الجهود ومراكمة الإصلاحات إلى قياس النتائج الملموسة ومساءلة الأثر الفعلي الذي أحدثته السياسات داخل المجتمع.
وفي هذا السياق، عرض بنعليلو مشروع الدليل الوطني لتقييم الأثر، معتبراً أنه خطوة أساسية لبناء ثقافة تقوم على الحساب المنهجي والتقييم الموضوعي المبني على الأدلة، بعيداً عن القراءات الشكلية والتأويلات الفردية. وأكد أن الأثر المنشود يجب أن يُقاس بالتحولات الملموسة في السلوك والممارسات، وانخفاض كلفة الفساد، وارتفاع الثقة العامة، مشيراً إلى أن الانتقال نحو تقييم الأثر يمثل نقلة منهجية تضع المسؤولين أمام مسؤولية النتائج الواقعية وليس مجرد الإنجاز الورقي.
وأشار رئيس الهيئة إلى أن الدليل العلمي لتقييم أثر السياسات يأتي ثمرة شراكة مع مجلس أوروبا، ويعتمد على مفاهيم حديثة مثل “نظرية التغيير” وسلاسل القيم، مميزاً بين التتبع الإداري والتقييم الفعلي للأثر. وأكد أن المشروع مفتوح للتطوير الجماعي، ويهدف إلى تمكين الفاعلين العموميين من أدوات علمية تجعل التقييم مساراً مؤسسياً مستداماً، يمنح المواطن الحق في معرفة أثر السياسات التي تُتخذ باسمه، ما ينقل الدولة من منطق التطور البسيط إلى منطق إحداث تغيير إيجابي ملموس في حياة المواطنين.
24/11/2025











