خيّم قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعدم حضور قمة مجموعة العشرين بجوهانسبورغ على أجواء الاجتماع الدولي الذي كانت جنوب إفريقيا تأمل أن يشكّل لحظة سياسية لإبراز ثقلها الدبلوماسي وموقعها بين الاقتصادات الكبرى. فقد أدى هذا الانسحاب المفاجئ إلى توتير مسار القمة وإضعاف الرسالة التي سعت بريتوريا إلى تقديمها بخصوص توازنها بين “بريكس” وشركائها الغربيين. ورغم هذا الارتباك، حافظت دول المجموعة على طابع المنتدى الاقتصادي، رافضة إدراج النزاعات الإقليمية ضمن جدول أعمالها، وهو ما أفشل محاولات الجزائر وجنوب إفريقيا للدفع بملف الصحراء المغربية ضمن وثائق القمة، بينما اكتفى البيان الختامي بالتشديد على احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها والتركيز على الأزمات الأكثر إلحاحا في إفريقيا والشرق الأوسط.
ويرى خبراء أن غياب أي إشارة لقضية الصحراء في البيان يعكس تنامي القناعة الدولية بشرعية الموقف المغربي وتراجع تأثير السرديات القديمة حول “تصفية الاستعمار”، في مقابل بروز مقاربة جديدة تمنح الأولوية لحماية السلامة الإقليمية والدفع نحو حلول واقعية. وأوضح عبد الوهاب الكاين، رئيس منظمة “أفريكا ووتش”، في تصريح لـ“كواليس الريف”، أن هذا التجاهل يعبر عن تحوّل في الذهنية الدولية لفائدة خيار الحكم الذاتي الذي قدمته الرباط منذ 2007، مشيرا إلى أن فقدان الجزائر جزءا من نفوذها الدبلوماسي أسهم في تضاؤل التأييد لمقاربتها داخل المنابر متعددة الأطراف. كما اعتبر أن استمرار عرقلة المبادرات الأممية وتجاهل وضع المحتجزين بتندوف يضع الجزائر أمام عزلة متزايدة، في وقت يتوسع فيه الدعم الإفريقي والأوروبي للموقف المغربي.
من جانبه، أكد الفاعل السياسي دداي بيبوط أن غياب ترامب ساهم في إبراز أزمة عميقة داخل النظام الدولي بشأن إدارة النزاعات الكبرى، لافتا إلى أن إدراج الملف بشكل مباشر كان سيصطدم بمواقف غالبية أعضاء المجموعة الذين يدعمون الحكم الذاتي ويؤيدون قرار مجلس الأمن الأخير بتمديد ولاية “المينورسو”. وأضاف أن تجاهل الملف يُعد انتكاسة للدبلوماسية الجزائرية وانتصارا للرؤية المغربية داخل المنتديات الدولية، بما يفتح الباب أمام مراجعات داخل مخيمات تندوف ويقوّض مشاريع التقسيم والانفصال. وختم بيبوط بأن الجزائر باتت اليوم أمام منعطف حاسم: إما الانخراط الإيجابي في العملية السياسية برعاية الأمم المتحدة، أو الاستمرار في نهج التعطيل الذي لن يفضي سوى إلى مزيد من التهميش داخل النظام العالمي الجديد.
25/11/2025











