تتّجه الأنظار نحو مدريد أيام 3 و4 دجنبر 2025 , حيث تستضيف العاصمة الإسبانية اجتماعاً رفيع المستوى بين المغرب وإسبانيا، في محطة سياسية تراها الأوساط الدبلوماسية بمثابة “اختبار حقيقي” لقدرة البلدين على تثبيت مسار الانفراج الذي انطلق منذ الموقف الإسباني الجديد الداعم لمبادرة الحكم الذاتي بالصحراء. ورغم العاصفة السياسية التي تواجهها الحكومة الاشتراكية في مدريد على خلفية فضيحة “كولدو – أبالوس” وما خلفته من ارتباك داخل هياكل الدولة، يؤكد وزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس أن العلاقات مع الرباط “تمضي في الاتجاه الصحيح”، مشدداً على أن القمة المرتقبة ليست مجرد محطة بروتوكولية، بل “رؤية استراتيجية لصياغة مستقبل مشترك”.
وتفتتح القمة بمنتدى اقتصادي كبير يجمع أبرز الفاعلين في الاستثمار والطاقة واللوجستيك، قبل الانتقال إلى اجتماع حكومي موسّع في اليوم التالي، يرتقب أن يناقش ملفات شديدة الحساسية، من بينها تنظيم الهجرة وتحديث المعابر الحدودية وتعزيز التعاون الأمني، إضافة إلى اتفاقات جديدة في مجالات الطاقة المتجددة والربط البحري والمشاريع التكنولوجية. وتعدّ مدريد هذه الملفات حجر الزاوية في حماية الاستقرار الإقليمي، فيما تنظر الرباط إليها بوصفها امتداداً لدورها كقوة صاعدة تربط إفريقيا بأوروبا.
وتكتسب القمة بُعداً إضافياً بسبب ملف “جبل لاس أبولاس” في المحيط الأطلسي، الذي أثار جدلاً واسعاً داخل جزر الكناري بعد تأكيد وجود ثروات معدنية مهمة في المنطقة. ففي الوقت الذي يصرّ المغرب على أن الجبل يقع ضمن حدوده البحرية السيادية، تتابع إسبانيا الموضوع بحساسية بالغة، مدركة أن القضية تتجاوز الجوانب التقنية لتلامس الأمن الطاقي والمصالح الاستراتيجية للطرفين. ويزيد المشهد تعقيداً تصاعد احتجاجات المزارعين الإسبان والضغوط الأوروبية على الواردات الفلاحية المغربية، ما يمنح البعد الاقتصادي للقمة أهمية استثنائية.
ورغم كل هذا المناخ المشحون، يراهن البلدان على تحويل القمة، التي سيترأسها كل من رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش ونظيره الإسباني بيدرو سانشيز، إلى محطة مفصلية لترسيخ نموذج جديد من العلاقات قائم على الشراكة الندية والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، بعيداً عن دورات التوتر التي طبعت السنوات الماضية.
27/11/2025