خرج وزير الفلاحة الإسباني لويس بلاناس ليعترف بأن الهجمة التي استهدفت الاتفاق الزراعي بين الاتحاد الأوروبي والمغرب لم تكن سوى “عاصفة في كأس ماء”، مؤكداً سقوط الحملة المنظمة التي حاولت إسقاط قرار يسمح باستمرار استيراد الفواكه والخضر المنتَجة في الأقاليم الجنوبية للمملكة مع الإبقاء على الصيغة المغربية في الملصقات.
الجلسة التي عقدها البرلمان الأوروبي يوم الأربعاء كشفت حجم الانقسام داخل المؤسسة الأوروبية: قرار الاعتراض الذي قاده الحزب الشعبي الأوروبي سقط بصوت واحد فقط، بعد حصوله على 359 صوتاً بدل 360 المطلوبة.
هذا السقوط أعاد تثبيت الاتفاق الذي يخوّل للمنتجات القادمة من الأقاليم الجنوبية أن تحمل تسمية المناطق الإدارية المغربية، دون الإشارة إلى بلد المنشأ، وهي نقطة حاولت أطراف سياسية إسبانية وأوروبية توظيفها سياسياً ضد الرباط.
الوزير الإسباني لم يخفِ انتقاده الشديد للحزب الشعبي الإسباني، متهماً إياه بقيادة حملة مُسيسة ضد اتفاق معمول به منذ سنة 2000 ومُحدَّث سنة 2012، رغم أنه لا يغيّر لا الحصص ولا الأسعار ولا تدفقات التجارة. بلاناس ذهب أبعد من ذلك حين قال إن بعض الخطابات حول المنتجات المغربية “لا تستند إلى الحقيقة”، مؤكداً أن كل ما يدخل أسواق الاتحاد الأوروبي يخضع لمعايير صارمة للسلامة الغذائية.
كما يعكس التصويت عزلة بعض الأطراف المناهضة للاتفاق، خصوصاً داخل إسبانيا، التي تستعمل ورقة الصحراء في سياق تنازع حزبي داخلي لا علاقة له بالمصالح الاقتصادية المشتركة بين الرباط ومدريد.
بينما ترى الرباط أن الأقاليم الجنوبية جزء لا يتجزأ من ترابها الوطني، لا تزال بروكسيل تعتبرها “منطقة تحت إدارة المغرب” بانتظار تسوية نهائية. ورغم هذا الموقف التقليدي، تُظهر نتائج التصويت أن الاتحاد الأوروبي ـ ولو بشكل غير مباشر ـ يتجه نحو براغماتية أكبر في التعاطي مع الملف، بعيداً عن الضجيج السياسي والضغط الإيديولوجي.
القرار يمثل انتصاراً دبلوماسياً واقتصادياً للمغرب، ورسالة واضحة بأن الحملات الموسمية التي تتحرك ضد المنتجات المغربية لا تجد صدى داخل المؤسسات الأوروبية حين يتعلق الأمر بالمصالح المشتركة. كما يعكس تصدعاً داخل الطبقة السياسية الإسبانية، التي تحاول في بعض الأحيان تحويل الملفات الخارجية إلى أدوات لتصفية حسابات داخلية.
وفي الوقت الذي تستعد فيه الرباط ومدريد لعقد اجتماعهما رفيع المستوى الأسبوع المقبل، يبدو أن الاتفاق الزراعي سيظل أحد أعمدة التعاون بين البلدين، رغم محاولات التشويش المتكررة.
28/11/2025