في الوقت الذي ينتظر فيه المواطن خدمة محترمة وسريعة داخل مؤسسات التوثيق، تظهر ممارسات تجعل من هذه المرافق العمومية فضاءً تتحكم فيه المزاجية أكثر مما تحكمه القوانين والمساطر. إذ نجد نماذج من المسؤولين الذين يخلطون بين المنصب العام والسلطة الشخصية، ويتعاملون مع الإدارة كما لو كانت ملكية خاصة، ما يحوّل أبسط الإجراءات إلى مسارات معقّدة تشبه متاهة لا تنتهي.
داخل محكمة التوثيق بوجدة، يبرز نموذج لمسؤول يجلس خلف مكتبه كحارس بوابة لا تُفتح إلا وفق “حالته النفسية”. فانتظار المواطنين لعقودهم أمر عادي، وحَيْرة العدول أمر معتاد، وتأخر المعاملات بلا سبب يحدث يوميًا. هنا يصبح المزاج فوق القانون، وفوق النظام، وفوق احتياجات الناس.
تتفاقم المعاناة حين يكون المسؤول غارقًا في مزاجيته المتقلّبة:
يومٌ يبدو لطيفًا ومتعاونًا، وكأنه اكتشف فجأة معنى الخدمة العمومية، ويومٌ آخر يتحول إلى جدار صلب يرفض التعامل أو حتى الاستماع. لا يخجل من ترك ركام من العقود بدون تأشير، وهي تنتظر فقط ختم السيد القاضي، بينما ينشغل بأحاديث جانبية، أو مكالمة خاصة، أو فنجان قهوة لا ينتهي، وكأن زمن المواطنين لا قيمة له.
ومن بين الوثائق التي تتأخر بسبب هذه المزاجية: رسوم الزواج، الإراثات، الوكالات، عقود البيع، المواجيب وغيرها، وكلها ملفات تتعلق بحقوق والتزامات ومسارات حياة قد تتعطل بسبب توقيع واحد أو إجراء بسيط.
02/12/2025