kawalisrif@hotmail.com

استبعاد جزر الكناري من القمة الإسبانية–المغربية: خلفيات قرار سيادي وردود فعل متوترة في لحظة حساسة

استبعاد جزر الكناري من القمة الإسبانية–المغربية: خلفيات قرار سيادي وردود فعل متوترة في لحظة حساسة

تعود مدريد والرباط هذا الأسبوع إلى طاولة التنسيق السياسي في إطار الاجتماع رفيع المستوى، بعد ثلاث سنوات من آخر لقاء في العاصمة المغربية، وسط تصاعد النقاشات داخل إسبانيا حول ملفات ترتبط بالفضاء البحري والجوي المحاذي للأقاليم الجنوبية للمملكة. وبينما تستعد حكومتا البلدين لمرحلة جديدة من التعاون، خرجت حكومة جزر الكناري للاحتجاج على قرار مدريد عدم إشراكها في القمة، وهو ما اعتبرته “تجاهلاً” رغم أن الملفات المطروحة تبقى، قانونياً وسياسياً، اختصاصاً حصرياً للدولة الإسبانية.

الرئيس الجهوي للكناري، فرناندو كلافيخو، أعلن أن وزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس أخبره رسمياً بأن الأرخبيل لن يشارك في القمة الثنائية، رغم طلبات سابقة وجهها أعضاء الحكومة الجهوية. وبررت مدريد القرار بأن الملفات المتعلقة بالحدود البحرية والمجال الجوي والعلاقات الدبلوماسية شأن سيادي لا تشارك فيه الحكومات المحلية.

غير أن تصريحات كلافيخو جاءت في سياق تعبئة داخلية اعتادتها الجهة كلما تجدد النقاش حول تعاون الرباط ومدريد في مجالات اقتصادية أو أمنية مرتبطة بالمحيط الأطلسي. وقد اتهم رئيس الحكومة الجهوية مدريد بأنها “تتراجع” عن التزامات سابقة ضمن ما يسميه “الأجندة الكنارية”، بينما تؤكد الحكومة المركزية أن حضور الجهة في مجموعات تقنية ممكن، لكنه لا يشمل قمماً دبلوماسية رفيعة.

بالنسبة إلى المغرب، فإن النقاش حول تحديد الحدود البحرية أو تسيير المجال الجوي ليس وليد اللحظة، بل يأتي ضمن سياسة واضحة بدأت منذ 2020 مع تحديث الترسانة القانونية المنظمة للمجال البحري للأقاليم الجنوبية. وهي خطوة يعتبرها المغرب سيادية وتنسجم مع القانون الدولي، خصوصاً أن أي ترسيم نهائي يتطلب مفاوضات ثنائية، وهو ما أكدته الرباط مراراً.

كما أن امتداد الجرف القاري للمملكة نحو المياه الأطلسية المحاذية للكناري أمر طبيعي جغرافياً، وسبق للرباط أن أبلغت الأمم المتحدة به بشكل قانوني، فيما تبقى مسألة إدارة المجال الجوي للصحراء قضية مرتبطة بالتعاون التقني بين البلدين، إذ تولت إسبانيا تاريخياً التنسيق الجوي من جزر الكناري، قبل أن تبدأ الرباط منذ سنوات مفاوضات لنقل هذا الاختصاص بشكل تدريجي كما يحدث في مناطق أخرى عبر العالم.

في الجانب الإسباني، تحاول بعض المنابر تصوير الخطوات المغربية كـ“توسع” أو “ضغط”، في حين تراها الرباط جزءاً من سياسة تحديث سيادي وملفات مؤطرة بمبدأ حسن الجوار. فالتعاون البحري–الجوي، إلى جانب ملفات الهجرة والاستثمار، هي نقاط رئيسة في العلاقات بين البلدين، ما يجعل القمة الحالية محطة مهمة لضبط الإيقاع بعد سنوات من التقلبات الدبلوماسية.

وتأتي القمة أيضاً بعد انطلاق مشاريع كبرى مغربية في الأطلسي، من بينها الميناء الضخم الداخلة الأطلسي، وتنامي الاهتمام الدولي بالمعادن الإستراتيجية في قاع البحر، ما يمنح المغرب وزناً أكبر في شراكات الطاقة والتجارة البحرية.

تصاعد احتجاجات الأرخبيل ليس سوى تجاذب داخلي إسباني تسعى من خلاله حكومة الكناري إلى تعزيز موقعها السياسي، خصوصاً أن الجزر موجهة أساساً نحو ملفات الهجرة والاقتصاد، وتبحث عن دور أكبر في السياسات الخارجية المرتبطة بالمغرب. أما الرباط، فهي تتعامل مع مدريد باعتبارها مخاطباً واحداً، وتحرص على أن تظل القضايا الإستراتيجية ذات البعد السيادي محصورة بين الدولتين.

من المرتقب أن تركز رفيع المستوى على:

الملف الاقتصادي والاستثمارات المشتركة،

التعاون الأمني ومكافحة شبكات الهجرة،

مشاريع الربط الطاقي عبر مضيق جبل طارق،

التنسيق البحري والجوي بما يخدم التوازن الإقليمي.

ورغم الضجيج الإعلامي من جهة الكناري، تشير الأجواء الحالية إلى رغبة مشتركة في تعزيز مسار الاستقرار والتعاون، بما يحافظ على المصالح العليا للمملكة المغربية ويضمن في الوقت نفسه شراكات متوازنة مع الجار الشمالي.

03/12/2025

مقالات خاصة

Related Posts

3 ديسمبر 2025