في مداخلة لافتة خلال ندوة علمية بكلية الحقوق في الرباط، خرج محمد أوجار ، القيادي داخل حزب التجمع الوطني للأحرار ووزير العدل الأسبق ، بتشخيص غير معتاد للمشهد السياسي والإداري المغربي، مؤكّدًا أن الدولة تُبقي هامشًا ضيقًا جدًا أمام الأحزاب لممارسة أدوارها الفعلية. وأوضح أن المنتخبين كثيرًا ما يُحمَّلون مسؤولية اختلالات هم في الأصل غير متحكّمين فيها، لأن كل تحرك لهم يخضع لرقابة وإذن من وزارة الداخلية.
أوجار شدّد على أن رؤساء الجماعات لا يديرون سوى أقل من 10٪ من الميزانيات، بينما تبقى السلطة الفعلية بيد الولاة والعمال وممثلي الإدارة الترابية. وأضاف بلهجة نقدية: “إذا كان المنتخب يُحاسَب على الفساد، فمن يحاسب كبار المسؤولين الذين يُدبّرون المال العام؟”.
وتوقف عند الخطاب المتكرر حول “فساد النخب”، معتبرًا أن معاقبة الفاسدين ضرورية، لكنه طرح سؤالًا صادمًا : كيف يمكن لرئيس جماعة أن يراكم الفساد ربع قرن بمفرده؟ وكيف تمر الصفقات العمومية عبر لجان متعددة دون أن يتحمل أحد مسؤولية رقابتها؟
وبصفته وزيرًا سابقًا للعدل، فتح أوجار بابًا حساسًا حين أشار إلى “البيروقراطية الثقيلة” الموروثة من عهد إدريس البصري، تلك التي قال إنها لا تزال تُقيد الوزراء وتحول دون ممارسة صلاحياتهم، لأن الكتاب العامين والمديرين “لا يخضعون فعليًا للوزير”.
وفي سياق الحديث عن آخر قرار لمجلس الأمن بشأن الصحراء، اعتبر أن المغرب يدخل مرحلة جديدة تستدعي تعديلًا دستوريًا، وحكامة حديثة، وظهور نخبة سياسية قادرة على مواكبة التحول وإنهاء مرحلة انتقال ديمقراطي “طال أكثر مما يجب”.
كما نبّه إلى مفارقة “الديمقراطية بسرعتين”: في الجنوب، حيث الحكم الذاتي والبرلمان والحكومة المحلية؛ وفي باقي الجهات، حيث لا يتحرك المنتخب إلا بإذن ممثل الداخلية.
وأضاف أن البقاء في البرلمان بات حكرًا على رجال الأعمال الذين لا يعيرون الشأن البرلماني اهتمامًا كبيرًا، بينما تُقصى الطاقات الشابة والنسائية بعد ولاية واحدة بسبب عراقيل بنيوية.
بعد هذا الخطاب المباشر وغير المسبوق، يبرز السؤال:
ما الذي دفع محمد أوجار لاعتماد هذا الطرح النقدي الحاد في هذا التوقيت بالذات؟
هل هو وعي بحجم التحولات القادمة؟ رسالة داخلية للحزب؟ نقد موجه للبنية الإدارية؟ أم تمهيد لمرحلة سياسية جديدة؟
03/12/2025