kawalisrif@hotmail.com

إسبانيا والمغرب يوقّعان اتفاقين زراعي وبحري… والرباط تفرض حضورها رغم مناورات بروكسيل

إسبانيا والمغرب يوقّعان اتفاقين زراعي وبحري… والرباط تفرض حضورها رغم مناورات بروكسيل

في لحظة سياسية واقتصادية دقيقة تشهد توتراً واضحاً بسبب تحركات بعض دوائر الاتحاد الأوروبي تجاه المغرب، وقّعت مدريد والرباط اتفاقين مهمين في القطاعين الزراعي والبحري، في خطوة جديدة تؤكد متانة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وقدرة المغرب على فرض مقاربة براغماتية تنظر للمستقبل بدل الانشغال بصخب المناورات المؤقتة في بروكسيل.

وزارة الفلاحة والصيد الإسبانية أعلنت أن الاتفاقين يركزان على الابتكار، وتدبير الماء، ودعم العالم القروي، والتصدي للصيد غير القانوني. وهي مجالات حقق فيها المغرب تقدماً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، ما يفسّر تزايد اعتماد الشركاء الأوروبيين على الخبرة المغربية، رغم الضغوط التي تُحاول بعض الأطراف استغلالها لخلط الأوراق في ملف الصحراء.

خلال المنتدى الاقتصادي الإسباني–المغربي المنعقد في مدريد، أكد وزير الفلاحة الإسباني لويس بلاناس—الذي يُعرف بدفاعه عن الشراكة مع الرباط—أن “العلاقة بين البلدين وصلت إلى مستوى استراتيجي غير مسبوق”، مبرزا أن المغرب أصبح فاعلاً أساسياً في الأمن الغذائي الإقليمي والاستقرار المتوسطي.

بلاناس ذكّر بأن الارتباط المؤسساتي بين الطرفين يستند على الإطار القانوني للاتفاقية الأوروبية–المغربية للشراكة، التي تُعد حجر الزاوية في علاقة تتجاوز التجارة إلى التعاون السياسي والأمني.

كما شدد على أن الطعن القضائي الأوروبي بشأن المنتجات القادمة من الأقاليم الجنوبية لن يغيّر واقع التعاون ولا الدينامية الاقتصادية القائمة، في إشارة واضحة إلى تحوّل المزاج الأوروبي الذي بات أكثر واقعية تجاه المغرب.

المنتدى كشف أرقاماً بالغة الدلالة:

20 مليار يورو حجم المبادلات سنة 2024

17 ألف شركة إسبانية تشتغل في المغرب

12 ألف مقاولة مغربية مرتبطة بالسوق الإسبانية

3.8 ملايين سائح من إسبانيا نحو المغرب سنوياً

هذه الأرقام تؤكد أن المغرب لم يعد مجرد “جار” لإسبانيا، بل شريك اقتصادي بنيوي وأسواقه تشكل بوابة استراتيجية للمقاولات الأوروبية نحو إفريقيا.

رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، شدد في مداخلته على أن هذه العلاقة “قائمة على الثقة والاحترام المتبادل”، مشيرا إلى أن مخططات الاستثمار المغربية، خاصة في البنية التحتية والطاقة واللوجستيك، فتحت مجالاً واسعاً للشركات الإسبانية التي باتت جزءاً من الدينامية التنموية للمملكة.

أخنوش توقف أيضاً عند مونديال 2030، مؤكداً أنه أكثر من حدث رياضي: هو مشروع استثماري ضخم واستراتيجية مشتركة ستعزز مكانة المغرب وإسبانيا والبرتغال كمثلث متوسطي–أوروبي مؤثر.

في السياق البحري، أعلن بلاناس أن بروتوكولاً جديداً للصيد سيعزز محاربة الصيد غير المشروع ويحافظ على الثروة السمكية، وهو نهج يتقاطع مع السياسة المغربية التي جعلت من الاستدامة محوراً رئيسياً في مخطط “أليوتيس”.

الاتفاق الجديد يعكس واقعاً ظلّت مدريد تدركه جيداً: لا يمكن لأي صياد إسباني أن يتحرك في المتوسط والأطلسي دون التعاون مع الرباط.

وزيرة التجارة الإسبانية أمبارو لوبيث كشفت أن مجموع الاستثمارات الإسبانية المتراكمة بلغ:

2.3 مليار يورو

أكثر من 25 ألف وظيفة مباشرة

وتتوزع هذه الاستثمارات على قطاعات استراتيجية:
الطاقة – السيارات – الفلاحة – النقل – النسيج – السياحة – البنية التحتية.

هذا التموضع لا يعكس فقط جاذبية السوق المغربية، بل أيضاً وعي الشركات الإسبانية بتحوّل المملكة إلى منصة صناعية ولوجستيكية إفريقية–أوروبية.

على هامش القمة، حاولت بعض الأصوات—خاصة من جبهة البوليساريو—التشويش على الاجتماع، مُلوّحة بخطاب متجاوِز للواقع الجيوسياسي، لكن المعطيات الاقتصادية والاستراتيجية التي قدمتها الحكومتان أظهرت أن قطار الشراكة يسير في اتجاه تصاعدي رغم الضجيج السياسي.

03/12/2025

مقالات خاصة

Related Posts