سجّلت إسبانيا رقماً قياسياً غير مسبوق في تاريخها الديمغرافي، بعدما بلغ عدد الأجانب المقيمين فوق أراضيها 6.911.971 شخصاً، وفق معطيات المعهد الوطني الإسباني للإحصاء، ما رفع إجمالي سكان البلاد إلى 49.128.297 نسمة بتاريخ فاتح يناير 2025.
وتُظهر هذه الأرقام أن سنة 2024 كانت سنة توسّع ديمغرافي ملحوظ، إذ ازداد عدد سكان إسبانيا بـ 508.602 نسمة، ويعود هذا الارتفاع أساساً إلى الزيادة الكبيرة في أعداد المقيمين الأجانب التي بلغت +409.689 شخصاً، أي زيادة بنسبة 6,3%، فيما لم يتجاوز نموّ السكان من حاملي الجنسية الإسبانية 0,2% فقط.
بحسب التقرير الإحصائي، يُعدّ المغاربة الجالية الأجنبية الأكثر عدداً في إسبانيا بـ 968.999 مقيماً، وهو ما يمثل 14% من مجموع الأجانب. ويأتي بعدهم الكولومبيون بـ 676.534 شخصاً، ثم الرومانيون بـ 609.270.
هذا الحضور المغربي اللافت يعكس عمق الروابط الإنسانية والاقتصادية بين البلدين، ويؤكد استمرار مكانة الجالية المغربية باعتبارها أكبر جالية غير أوروبية في الجارة الشمالية، ودورها المهم في سوق العمل الإسباني، خصوصاً في القطاعات الفلاحية والخدمات والبناء.
ورغم ضخامة الأرقام المعلنة، تشير مصادر حقوقية وإسبانية مستقلة إلى أن العدد الحقيقي للأجانب في إسبانيا قد يكون أكبر بكثير مما هو وارد في الإحصاء الرسمي، بالنظر إلى وجود عشرات الآلاف من المهاجرين في وضعية غير قانونية، سواء ممن انتهت صلاحية أوراق إقامتهم أو الذين دخلوا البلاد دون تأشيرة.
ويُرجَّح أن يكون عدد المغاربة ضمن هذه الفئة غير الموثّقة أكبر مما تكشفه سجلات الإقامة، بحكم طبيعة الهجرة الاقتصادية والظروف الاجتماعية التي تدفع كثيرين للبحث عن فرص في إسبانيا قبل تسوية وضعيتهم القانونية، خصوصاً في ظل صعوبة الولوج إلى سوق الشغل في المغرب وتواصل الطلب الإسباني على اليد العاملة.
هذه الأرقام الجديدة تفتح نقاشاً واسعاً في مدريد حول مستقبل السياسات الهجرية، وتُلقي الضوء على ضرورة تعاون أعمق مع المغرب لضمان اندماج أفضل للجالية، وتأمين قنوات قانونية للهجرة، وتحسين آليات تسوية الوضعيات، بما يحقق مصالح الطرفين.
كما تكشف الأرقام المكانة الاستراتيجية للجالية المغربية بإسبانيا، سواء من حيث دورها الاقتصادي أو مساهمتها في استقرار سوق العمل الإسباني وتوازن النمو الديمغرافي الذي تعانيه أوروبا عموماً.
03/12/2025