شهدت جلسة محاكمة ملف “إسكوبار الصحراء” مرافعة مطولة لدفاع المتهم (ب.ب)، المتابع بتهمة الإدلاء بشهادة زور في قضية جنحية عن طريق الحصول على وعد، حيث أكد الدفاع أن المتابعة تفتقر للأساس القانوني المطلوب وأن الشروط المنصوص عليها في الفصل 370 من القانون الجنائي غير متوافرة في هذه القضية. وأوضح المحامي أن التصريحات التي أدلى بها المتهم أمام المصالح الولائية بوجدة لا ترتقي قانونياً إلى مرتبة شهادة أمام القضاء، مستشهداً بقرارات سابقة لمحكمة النقض التي أكدت أن شهادات خارج قاعات المحاكم لا يمكن اعتبارها شهادة زور، ما يعزز الدفع ببطلان المتابعة.
وأشار الدفاع إلى أن المتهم لم يتلق أي مقابل مادي أو وعد أو مكافأة للإدلاء بتصريحاته، وهو ما أكدته أيضاً إفادات شهود آخرين، مؤكداً أن إنكار المتهم لا يعد محاولة للهروب من المسؤولية، بل يحمل قيمة قانونية في غياب أي دليل يثبت العكس. كما شدد الدفاع على الخلفية الاجتماعية والاقتصادية الميسورة للمتهم، مستبعداً أن يكون له أي مصلحة في تقديم شهادة زور، معتبرين ما وقع مجرد سذاجة أو سوء تقدير، وليس فعلاً إجرامياً مقصوداً يعاقب عليه القانون.
وأوضح الدفاع أن المشرع المغربي وضع شروطاً دقيقة لتكوين جريمة شهادة الزور، تشمل الركن المادي والركن المعنوي، وأن هذه الشروط غير متوفرة في الملف، إذ لم يدل المتهم بأي شهادة أمام القضاء ولم يتلق أي وعد أو منفعة، ما يجعل قيام الجريمة مستحيلاً من أساسها. وأكد أن الفقه المقارن يشترط وجود القصد الجنائي المتمثل في الإدلاء عمداً بتصريحات كاذبة أمام القضاء بقصد تضليل العدالة، وهو ما لا يتبين من وقائع هذا الملف. وفي ختام مرافعته، التمس الدفاع سقوط الدعوى العمومية بسبب التقادم الجنحي، أو احتياطياً، الحكم ببراءة المتهم لغياب الركن المادي والقصد الجنائي والأدلة الكافية.
وعلى صعيد آخر، شهدت جلسة محاكمة المتهم (خ.س)، المتابع بجناية المشاركة في شهادة زور، مرافعة مطولة للمحامي مبارك المسكيني، الذي سلط الضوء على الاختلالات الإجرائية والارتباك في مسار الملف. وأكد الدفاع أن الملف شهد تعدداً وتناقضاً في التصريحات المقدمة في مراحل البحث والتحقيق، وأن محاضر الضابطة القضائية تضمنت نقاطاً تختلف عن تصريحات المتهم أمام قاضي التحقيق، ما يثير شبهة خلل إجرائي وجوهرية في التكييف القانوني للملف.
وأشار الدفاع إلى ما أطلق عليه “لغز ثلاثة المحاضر”، حيث توجد ثلاثة محاضر للشرطة القضائية فيما يؤكد المتهمون أنهم استدعوا مرة واحدة فقط، ما يطرح تساؤلات حول مصداقية الوثائق الإجرائية ويشير إلى احتمالية تحريف الوقائع. كما كشف الدفاع أن بعض المصرحين تعرضوا لضغوطات وتهديدات بمتابعة قضائية بتهم خطيرة إذا لم يقدموا تصريحات محددة، ما يسقط مصداقية الشهادات ويطرح فرضية أن الملف بني على وقائع مشوبة بالإكراه.
وأكد الدفاع أن هذه المعطيات تؤكد أن المتهم (خ.س) كان ضحية شهادات كاذبة أو مضغوطة، وأن متابعة موكله من أجل المشاركة في شهادة الزور تفتقد للأساس الواقعي والقانوني، مطالِباً الهيئة القضائية بإسقاط التهم لغياب الركن المادي والقصد الجنائي ولانعدام الأدلة الكافية، ما يبرز أهمية حماية حرية الإدلاء بالشهادة كأساس لضمان العدالة والمصداقية في المحاكم.
04/12/2025