أظهر تقرير جديد لوزارة الزراعة الأمريكية أن المغرب يتقدم صفوف الدول الأكثر استيراداً للحبوب، نتيجة تداخل عوامل الجفاف المزمن وارتفاع الاستهلاك وتزايد حاجيات قطاع الماشية، إلى جانب تأثيرات السياسات الفلاحية المعتمدة خلال السنوات الماضية. ووفق التقرير، يرتقب أن يستورد المغرب خلال موسم 2025-2026 ما يقارب 10,5 ملايين طن من القمح، فيما قد تصل وارداته من الذرة إلى مستويات قياسية، إضافة إلى نحو 700 ألف طن من الشعير الموجه لتغذية القطيع. وفي المقابل، تتراجع واردات الأرز بشكل طفيف بعد ارتفاعها في المواسم السابقة.
ويرى الخبير في الموارد المائية محمد بازة أن هذا التراجع الحاد في الإنتاج المحلي لا يرتبط بالجفاف وحده، بل يعود أيضاً إلى تقليص كبير في المساحات المزروعة بالحبوب لصالح محاصيل ذات مردودية مالية أعلى في إطار مخطط المغرب الأخضر. وأوضح أن نحو 1,7 مليون هكتار من أفضل الأراضي البورية خضعت لتحويلات واسعة نحو زراعات الأشجار المثمرة، وهو ما أفقد المغرب جزءاً مهماً من قدرته الإنتاجية، خصوصاً في مناطق لم تتأثر بالجفاف بنفس الحدة مثل سهل سايس. كما اعتبر أن التركيز على الفلاحة المسقية منذ 2008 همّش الأراضي البورية التي تمثل عماد إنتاج الحبوب، وأدى إلى اختلالات اقتصادية واجتماعية في العالم القروي.
إلى جانب الضغط المناخي، أدى الطلب المرتفع على الأعلاف والزراعات العلفية إلى زيادة كبيرة في واردات الذرة والشعير، خاصة مع تضرر الإنتاج البوري بفعل توالي سنوات الجفاف. كما يواصل الاستهلاك الوطني المرتفع للقمح تعزيز التبعية للأسواق العالمية. ويؤكد بازة أن المغرب، شأنه شأن بلدان عديدة محدودة الموارد المائية، بات بعيداً عن تحقيق الاكتفاء الذاتي الكامل، خاصة مع توسع العمران وتراجع الأراضي الصالحة للزراعة. ويرى أن الاستيراد أصبح خياراً استراتيجياً لا ظرفياً، داعياً إلى إعادة الاعتبار للأراضي البورية، وتحسين إدارة الموارد المائية، وتعزيز التخزين الاستراتيجي لتقليل مخاطر التقلبات الدولية.
05/12/2025