اعتبر سمير بلفقيه، عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، أن المشهد الحزبي في المغرب يعيش أزمة بنيوية حقيقية، انعكست بوضوح على تراجع مشاركة المواطنين في العمل السياسي وفي آليات الديمقراطية التمثيلية. وجاءت تصريحاته خلال ندوة وطنية حول تحولات الحقل السياسي بكلية الحقوق السويسي بالرباط، حيث شدد على أن هذا الضعف يشكل كلفة سياسية تؤثر على مسار الإصلاح في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة. كما لفت إلى غياب الحضور النسائي داخل الندوة رغم أن الطالبات يمثلن نصف الجسم الجامعي، وهي مفارقة تدعو، على حد قوله، إلى إعادة التفكير في تمثيل المرأة داخل المؤسسات.
وأوضح بلفقيه أن التحولات الكبرى التي يشهدها المغرب، من تغيرات ديموغرافية ورقمنة متسارعة وتحولات بيئية وطاقية، أثرت بعمق في علاقة المواطن بالمؤسسات، وأفرزت إعادة تشكيل للحقل الحزبي. وأضاف أن تراجع الدور التقليدي للأحزاب في تأطير المواطنين يعود إلى مسار تاريخي طويل، من مرحلة ما بعد الاستقلال، مرورًا بالتجاذبات الحركية، وصولًا إلى العهد الجديد الذي اعتمد مفهوم “شرعية الإنجاز” وركز على التنمية كمدخل لإشراك المواطن. وأبرز أن ضعف حضور الأحزاب داخل البرلمان والجماعات المحلية، إضافة إلى محدودية إمكانياتها المالية، ساهم في تعميق فجوة الثقة في قدرتها على التأثير في السياسات العامة، مقابل صعود وسائل التواصل الاجتماعي كفضاء مباشر للتعبير.
وأشار القيادي في الأصالة والمعاصرة إلى أن الأزمة الحزبية امتدت أيضًا إلى المكاتب السياسية التي فقدت جزءًا من إشعاعها، حيث أصبح العديد من أعضائها غير معروفين للرأي العام، بعكس ما كان عليه الوضع سابقًا حين كانت الأنشطة الحزبية تحظى بمتابعة كبيرة. ودعا بلفقيه إلى تعزيز تخليق الحياة العامة وربط المسؤولية بالمحاسبة، واعتماد آليات الديمقراطية المباشرة داخل الأحزاب لتمكين المواطنين من مراقبة وتتبع تنفيذ البرامج والمشاريع. وختم بتأكيد أن تجاوز الأزمة يتطلب إحياء المشاركة السياسية وتطوير آليات المساءلة، محذرًا من أن استمرار الوضع الحالي قد يؤدي إلى مزيد من العزوف ويُضعف ارتباط المواطنين بالشأن العام.
07/12/2025