kawalisrif@hotmail.com

مصالح مدريد في المغرب بين الحقيقة والتهويل الإعلامي:    تفكيك رواية “أوكدياريو”حول سانشيز

مصالح مدريد في المغرب بين الحقيقة والتهويل الإعلامي: تفكيك رواية “أوكدياريو”حول سانشيز

ما تزال العلاقات المغربية-الإسبانية تُثير اهتمام الإعلام في الضفتين، خاصة بعد نشر صحيفة أوكدياريو الإسبانية معطيات تربط بين الدعم المالي الذي قدمته حكومة بيدرو سانشيز للمغرب سنة 2019 وبين تحركات شخصيات داخل الحزب الاشتراكي الإسباني. غير أنّ متابعة هادئة للملف تكشف أن هذا التعاون ليس جديدًا، بل يأتي في إطار شراكة ممتدة منذ عقود بين البلدين.

فخلال سنة 2019، خصصت مدريد أكثر من 32 مليون يورو لدعم جهود المغرب في مكافحة الهجرة غير النظامية، إلى جانب 26 مليون يورو لاقتناء تجهيزات موجهة للأمن الوطني. كما وافقت الحكومة الإسبانية على قرض بقيمة 190 مليون يورو موجّه لمشروع خطوط الترامواي بالدار البيضاء، في حال فوز شركة إسبانية بالصفقة. هذه الأرقام، التي قدّمها الإعلام الإسباني على أنها “هدايا”، تدخل في الحقيقة ضمن تعاون رسمي يخدم مصالح الطرفين، خصوصاً أن استقرار المغرب ينعكس مباشرة على أمن الجنوب الإسباني.

وتشير الصحيفة أيضًا إلى اهتمام شخصيات سياسية إسبانية بمشاريع كبرى داخل المغرب، مثل مشروع ميناء صناعي في القنيطرة. غير أن الاهتمام الإسباني بالاقتصاد المغربي ليس أمراً غريباً، بالنظر إلى أن آلاف الشركات الإسبانية تنشط في السوق المغربية، وأن المغرب أصبح أحد أهم شركاء إسبانيا الاقتصاديين في إفريقيا والمتوسط.

أما زيارة سانشيز للرباط سنة 2018، التي تحاول الصحيفة تقديمها كجزء من “تفاهمات خفية”، فهي في الواقع زيارة تدخل ضمن اللقاءات الدورية بين حكومتي البلدين، والتي تشمل ملفات الهجرة ومكافحة الإرهاب والتبادل التجاري. وتؤكد تصريحات سانشيز آنذاك أن المغرب شريك موثوق للشركات الإسبانية، وأن التعاون مع الرباط ضرورة استراتيجية لا مجرد خيار سياسي.

وفي قراءة للملف، يتضح أن محاولات بعض وسائل الإعلام الإسبانية ربط التعاون الثنائي بقضايا سياسية داخلية، مثل قضية “نيغريرا”، تبقى مجرد تأويلات لا تستند إلى أساس واقعي. فالمغرب يحدد اختياراته الاقتصادية وفقاً لمصالحه الوطنية، ولا يخضع لأي ضغط أجنبي بخصوص المشاريع الكبرى، كما أن أي اتفاق اقتصادي مع مدريد يتم وفق مساطر رسمية وشفافة.

وتكشف هذه السجالات الإعلامية أن عمق العلاقات المغربية-الإسبانية يتجاوز ما تنشره بعض الصحف. فالعلاقة بين الجارين تقوم على مصالح مشتركة ورهانات استراتيجية، بينما تبقى التأويلات والاتهامات مجرد ضجيج لا يعكس حقيقة الشراكة القائمة على الاحترام المتبادل والتعاون العملي.

07/12/2025

مقالات خاصة

Related Posts