kawalisrif@hotmail.com

المزارعون الإسبان يصرخون من جديد: اتهامات “معتادة” لمغرب يتقدم بثبات في سوق الطماطم الأوروبي

المزارعون الإسبان يصرخون من جديد: اتهامات “معتادة” لمغرب يتقدم بثبات في سوق الطماطم الأوروبي

 

لم تمضِ سوى أسابيع على دخول التعديلات الجديدة لاتفاق الشراكة الفلاحي بين الرباط وبروكسيل حيّز التنفيذ، حتى عاد الجدل القديم ـ الجديد داخل القطاع الزراعي الإسباني. هذه المرة، جاء الصراخ منظمات المزارعين الإسبان بعد فقدان إسبانيا مركزها التاريخي كأول مورّدي الطماطم إلى الاتحاد الأوروبي، لصالح المغرب الذي واصل تقدمه بثبات، مستفيدًا من تطور فلاحي وازن ومن قدرة تنافسية حقيقية داخل السوق الأوروبية.

بحسب المعطيات التي عرضها المتحدث باسم اتحاد منتجي ومصدّري الفواكه والخضر الإسباني (Fepex) خلال جلسة في البرلمان الأوروبي، تراجعت صادرات إسبانيا من الطماطم إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 33% خلال العقد الأخير. في المقابل، قفزت الصادرات المغربية بأكثر من 40%، ليحتل المغرب المرتبة الأولى داخل السوق الأوروبية.

ففي حين تراجعت الكميات القادمة من ألميريا، مورسيا وغرناطة بنسب تراوحت بين 28% و50%، ارتفعت الكميات المغربية نحو 574 ألف طن، وهو رقم يعكس دينامية متسارعة للقطاع الفلاحي المغربي الذي استثمر خلال السنوات الأخيرة في التحديث، السقي، والجودة الإنتاجية.

المنظمات الزراعية الإسبانية لجأت إلى خطابها التقليدي، معتبرة أن الفلاحين الأوروبيين “ضحايا” لاتفاقيات تجارية تفضّل المغرب. الحجج ذاتها تتكرر في كل أزمة إنتاجية:

الأجور الأرخص في المغرب

استخدام مواد زراعية محظورة في الاتحاد الأوروبي

اتساع المساحات المزروعة في الأقاليم الجنوبية

لكن هذا الخطاب يتجاهل، وفق مراقبين، أن الأزمة الحقيقية تكمن في ضعف القدرة التنافسية الإسبانية أمام نموذج زراعي مغربي أكثر مرونة ونجاعة، واستثمارات ضخمة جعلت المنتج المغربي أكثر طلبًا في الأسواق الأوروبية.

الهجوم الإسباني تعزز أكثر بعد المصادقة الأخيرة على تعديل الاتفاق الفلاحي الأوروبي بما يسمح بإدماج منتجات الأقاليم الجنوبية المغربية في الامتيازات الجمركية. خطوة اعتبرتها بعض التنظيمات الزراعية الإسبانية “خيانة” للفلاح الأوروبي، بينما رأى فيها اليمين المتطرف ورقة إضافية لمهاجمة المغرب وتغذية الخطاب العدائي المألوف.

ولم يكن مستغربًا أن يُستدعى ملف الصحراء المغربية مرة أخرى إلى واجهة النقاش داخل البرلمان الإسباني، إذ حاولت بعض الأطراف، وعلى رأسها “البوليساريو” الداعم من الجزائر، توظيف هذه التطورات للطعن في الاتفاق ومحاولة إعاقته قضائيًا داخل محاكم الاتحاد الأوروبي.

بعيدًا عن الجدل السياسي، تظهر لغة الأرقام أن المغرب أصبح خلال العقد الأخير ركيزة أساسية في الأمن الغذائي الأوروبي، سواء في الطماطم أو باقي الخضر والفواكه. فالاتحاد الأوروبي يتجه نحو تنويع مصادر وارداته، وفي مقدمتها المغرب الذي يقدم منتجًا بجودة عالية وأسعار تنافسية، إضافة إلى استقرار لوجستي لم يعد متوفرًا في دول أخرى.

كما أن بروكسيل تدرك ـ خلافًا للخطاب الإسباني الداخلي ـ أن التعاون مع المغرب في مجالات الماء، الطاقة والزراعة يفتح آفاقًا استراتيجية تخدم الطرفين، بدل الانغلاق خلف خطاب انتخابي يستغل قلق المزارعين.

باختصار، ما يحدث ليس “غزوًا زراعيًا مغربيًا” كما تحاول بعض المنابر تصويره، بل هو نتيجة طبيعية لسياسات استثمارية ناجحة في المغرب، مقابل هشاشة بنيوية في القطاع الزراعي الإسباني الذي يواجه ارتفاعًا في التكاليف وضعفًا متزايدًا في القدرة التنافسية.

المغرب اليوم ليس مجرد منافس، بل لاعب رئيسي داخل السوق الأوروبية… ودون ضجيج سياسي، يواصل تعزيز حضوره بقوة، بينما تتخبط مدريد بين خطاب الضحية وواقع تراجعها الإنتاجي.

11/12/2025

مقالات خاصة

Related Posts