أطلقت الحكومة المغربية خطة استعجالية بميزانية ضخمة تناهز 12.8 مليار درهم لمواجهة تداعيات الجفاف المزمن الذي يضرب البلاد، بهدف دعم قطاع تربية الماشية وضبط أسعار اللحوم الحمراء، في خطوة تروم حماية القدرة الشرائية للمواطنين والحفاظ على القطيع الوطني باعتباره ركيزة أساسية للأمن الغذائي. ويثير هذا التدخل المالي نقاشاً واسعاً حول مدى قدرته على معالجة التحديات العميقة المرتبطة بالتغير المناخي، ومدى عدالة توزيع الدعم للوصول إلى المربين الصغار الأكثر هشاشة.
وفي قراءته لهذه الإجراءات، يؤكد الخبير الاقتصادي محمد جدري أن المغرب يسعى لتكريس سيادة غذائية حقيقية بعد سنوات من الارتهان للتساقطات المطرية وتقلبات السوق الدولية، مبرزاً أن المرحلة تستدعي إعادة التوازن للقطاع الفلاحي عبر تمكين الفلاح الصغير ومربي الماشية البسيط، الذين شكّلوا الحلقة الأضعف أمام موجات الجفاف والتضخم العالمي. ويرى أن المشاريع المائية الكبرى من تحلية وربط الأحواض لن تظهر نتائجها قبل 2027 أو 2028، ما يفرض تبني تدخلات سريعة لتجنب انهيار أكبر في القطاع.
ويشدد جدري على أن دعم الأعلاف يجب أن يُوجَّه بدقة إلى المربين الذين يملكون أقل من عشرة رؤوس من الماشية، مع ضرورة اتخاذ تدابير مرافقة تشمل إعادة جدولة الديون دون فوائد، وتكثيف الإرشاد الفلاحي وعمليات التلقيح الاصطناعي للحفاظ على توازنات العالم القروي. ويرى أن تحقيق السيادة الغذائية يمرّ عبر تمكين هذه الفئة من الاستفادة الفعلية من البرامج الحكومية، لتجاوز أزمتي المديونية وارتفاع تكاليف الإنتاج، والوصول إلى نموذج اكتفاء ذاتي متين ومستدام، بعيداً عن تأثيرات المناخ والأسواق الخارجية.
11/12/2025