kawalisrif@hotmail.com

السعيدية تبهدل وزير الفلاحة، وتتحول إلى محكمة سياسية لوزراء “الحمامة” في إطار “نقاش الأحرار”

السعيدية تبهدل وزير الفلاحة، وتتحول إلى محكمة سياسية لوزراء “الحمامة” في إطار “نقاش الأحرار”

عشية أمس الجمعة، لم تكن اللقاءات الاجتماعية التي احتضنتها مدينتا وجدة والسعيدية، في إطار ما سُمّي بـ«نقاش الأحرار»، مجرد محطات تواصل عابرة، بل تحولت إلى منصات مكشوفة لتفريغ غضب سياسي واجتماعي غير مسبوق من طرف مناضلي حزب التجمع الوطني للأحرار، بلغ حدّ المحاكمة العلنية لأداء الحكومة، وعلى رأسها وزارتي الفلاحة والاستثمار.

اللقاء، الذي حضره ثلاثة وزراء وكاتب دولة، من بينهم وزير الفلاحة، ووزير الاستثمار والناطق الرسمي باسم الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، وكاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية، لم يسر كما كان مبرمجًا له ضمن أجندات التواصل الإيجابي، بل انقلب إلى جلسة نقد قاسٍ، خرج فيها منتسبو الأحرار بالجهة الشرقية عن لغة المجاملات، وانتقلوا إلى منطق المواجهة الصريحة دون مواربة.

الجوهرة الزرقاء، السعيدية، التي أُريد لها أن تكون واجهة مشرقة لخطاب حكومة يقودها الأحرار، تحولت إلى مرآة عاكسة لحجم السخط المتراكم داخل الجهة الشرقية، حيث صبّ المتدخلون من أربعة أقاليم وهي : الناظور والدريوش وجرسيف وبركان ، جام غضبهم على وزير الفلاحة الحالي، أحمد البواري،  محمّلين إياه، ومن خلاله الحكومة برمتها، مسؤولية ما وصفوه بـ«الفراغ التنموي» الذي تعيشه المنطقة منذ إعفاء الوزير السابق محمد صديقي.

ولم يتردد المتدخلون في عقد مقارنة مباشرة، مؤكدين أن صديقي، رغم قصر فترة توليه، كان «العين الوحيدة التي ترى الجهة الشرقية»، من خلال حضوره الميداني المكثف، وجولاته المكوكية، ودعمه لمشاريع الفلاحة والطرق الفلاحية، وبناء هيكلة قطاعية واضحة، في وقت اعتبروا فيه أن خلفه لم يقدّم للمنطقة «ولا واحد بالمائة» مما تحقق سابقًا، في شهادة سياسية قاسية نادرًا ما تُقال في حضرة وزراء يمارسون مهامهم.

وإذا كان وزير الفلاحة البواري قد غادر ليلة أمس فندق راديسون بالسعيدية ، مثقلا بسهام الانتقاد، فإن كريم زيدان، العائد حديثًا من زيارة إلى الديار الألمانية التي عاش فيها سنوات قبل تقلده المسؤولية الحكومية، لم يكن أوفر حظًا، إذ وُضع في قلب عاصفة من الأسئلة المحرجة حول الوضع «المقلق» الذي يعيشه المركز الجهوي للاستثمار بالجهة الشرقية. وقد رسم المتدخلون صورة قاتمة لمؤسسة يُفترض أن تكون قاطرة الاستثمار، فإذا بها، بحسب توصيفهم، تتحول إلى عبء إداري يثقل كاهل المقاولين بدل أن يفتح أمامهم آفاق المبادرة.

انتقادات مباشرة، وأسئلة بلا مجاملة، وأجواء مشحونة عكست حجم الهوة المتسعة بين الخطاب الرسمي لقيادة الحزب وواقع جهة أنهكها الانتظار، وملّت الوعود، ولم تعد تقنعها الشعارات ولا الصور التذكارية.

ما جرى في وجدة والسعيدية لم يكن حدثًا عابرًا، بل إنذارًا سياسيًا من العيار الثقيل. الجهة الشرقية لم تعد تطلب التفسير، ولا تستهويها البلاغات، ولا تُخدَع بابتسامات الوزراء. الرسالة كانت واضحة وصادمة: إما فعل حكومي حقيقي يلامس الأرض، أو صمت رسمي يجهز على ما تبقى من الثقة.

فالجهة التي صبرت طويلًا، إذا انفجر غضبها، فلن تُسكتها الجولات ولا اللقاءات… وحدها المحاسبة الجدية، أو الاعتراف الصريح بالفشل، قد يوقف النزيف.

13/12/2025

مقالات خاصة

Related Posts