kawalisrif@hotmail.com

رسالة استعجال من البوليساريو إلى بريتوريا :      اعتراف جنوب إفريقيا بانتصار الحكم الذاتي المغربي يربك البوليساريو وكابرانات الجزائر

رسالة استعجال من البوليساريو إلى بريتوريا : اعتراف جنوب إفريقيا بانتصار الحكم الذاتي المغربي يربك البوليساريو وكابرانات الجزائر

لم يكن تحرك جبهة البوليساريو الأخير في اتجاه بريتوريا خطوة بروتوكولية عادية، بل جاء كرسالة سياسية مستعجلة تعكس ارتباكًا متزايدًا داخل الجبهة الانفصالية ومعها الجزائر، عقب التصريحات اللافتة التي أدلى بها رئيس جنوب إفريقيا، سيريل رامافوزا، والتي أقرّ فيها صراحة بأن مجلس الأمن الدولي حسم اتجاه الحل في الصحراء المغربية لصالح مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب.

ففي توقيت دقيق، بعث زعيم الجبهة الانفصالية إبراهيم غالي مبعوثه محمد يسلم بيسط، الذي يقدَّم بصفته “وزير خارجية”، إلى القصر الرئاسي ببريتوريا، حاملاً رسالة خاصة إلى رامافوزا. خطوة فسّرها متابعون على أنها محاولة استدراك متأخرة لاحتواء تداعيات موقف جنوب إفريقي غير مسبوق في وضوحه.

ووفق ما أوردته وكالة البوليساريو، فقد جرى تسليم الرسالة التي ادّعت الجبهة أنها تهدف إلى “إطلاع” الرئيس الجنوب إفريقي على ما تسميه تطورات القضية، غير أن القراءة السياسية لتوقيت الزيارة ومضمونها تكشف بوضوح حجم القلق الذي خلفته تصريحات رامافوزا، خصوصًا بعد اعترافه العلني بأن قرار مجلس الأمن رقم 2797 يؤيد بشكل صريح مخطط الحكم الذاتي المغربي باعتباره الحل السياسي الأكثر واقعية وقابلية للتطبيق.

الأكثر دلالة في موقف رامافوزا هو إقراره بأن القرار الأممي الأخير يشكل تحولًا واضحًا عن الأطروحات القديمة، ويضعف أطروحة “الاستفتاء” التي ظلت البوليساريو والجزائر تتشبث بها رغم تجاوزها أمميًا وسياسيًا. وهو اعتراف يحمل وزنًا خاصًا بالنظر إلى المكانة الرمزية لجنوب إفريقيا داخل المعسكر التقليدي الداعم للانفصال.

هذا التحول أربك حسابات البوليساريو، خاصة أن بريتوريا خرجت، لأول مرة بهذا الوضوح، عن دائرة الاصطفاف الأعمى مع الجزائر، وأقرت بانتصار المقاربة المغربية داخل مجلس الأمن، في وقت حاولت فيه الجزائر والجبهة التقليل من أهمية القرار 2797 ونتائجه السياسية.

ولا يقف الأمر عند هذا الحد، إذ إن تصريحات رامافوزا تعزز مسارًا بدأ يتكرس داخل جنوب إفريقيا خلال السنوات الأخيرة، مع إعلان الرئيس السابق جاكوب زوما دعمه الصريح لحل النزاع في إطار الحكم الذاتي المغربي، وهو الموقف الذي يتبناه اليوم حزبه القوي “أومكونتو وي سزوي” (MK)، ما يعكس تحولا بنيويًا لا ظرفيًا في الموقف الجنوب إفريقي.

في المقابل، يواصل المغرب ترسيخ موقعه كطرف مبادر وصاحب رؤية مستقبلية، من خلال الانتقال من مرحلة الدفاع عن مقترح الحكم الذاتي إلى ورش تفصيله وتحيينه، حيث قدمت الأحزاب الوطنية مذكراتها التصورية إلى الملك محمد السادس، في أفق بلورة تصور متكامل يُعرض على الأمم المتحدة كإطار نهائي لتسوية النزاع.

هكذا، وبينما تتحرك البوليساريو برسائل القلق ومحاولات الاحتواء، يواصل المغرب حصد ثمار الدبلوماسية الهادئة والبناءة، مؤكداً أن قضية الصحراء دخلت مرحلة الحسم السياسي، وأن الحكم الذاتي لم يعد مجرد مقترح، بل أصبح الخيار الدولي الواقعي الوحيد لإنهاء هذا النزاع المفتعل.

13/12/2025

مقالات خاصة

Related Posts