تفجّرت بإقليم الحسيمة شكاية خطيرة تتعلق بشبهات استغلال النفوذ وتضارب المصالح وتبديد المال العام، بعد توجيه مراسلة رسمية إلى عامل الإقليم، تطالب بفتح تحقيق عاجل في مشروع عمومي مموَّل من ميزانية جماعة أربعاء تاوريرت، كان موجّهًا بالأساس لخدمة الساكنة والتخفيف من معاناة العطش بالمنطقة.
وحسب مضمون الشكاية، فإن المشروع المذكور أُنجز في إطار تمويل جماعي لتوفير الماء الصالح للشرب لفائدة الساكنة المحلية، غير أن المعطيات المتوفرة تشير إلى انحراف خطير في وجهته الأصلية، بعدما تم إنجازه فوق أرض في ملكية النائب الأول لرئيس المجلس الجماعي، وداخل حرمة مسكنه العائلي، ليصبح موردًا يُستغل بشكل حصري من طرفه، في وقت حُرمت فيه الساكنة من الاستفادة من هذا المرفق العمومي الحيوي.
وتؤكد الشكاية أن المعني بالأمر يستعمل البئر والمشروع المائي لسقي أشجاره الخاصة، في خرق واضح لمبدأ المرفق العام، ومساس خطير بمبدأ تكافؤ الفرص، واستغلال صريح للنفوذ بحكم موقعه داخل المجلس الجماعي، وهو ما اعتبره المشتكون تبديدًا للمال العام وتضاربًا صارخًا للمصالح.
كما استندت الشكاية إلى مرجعيات قانونية ودستورية واضحة، من بينها الفصل 36 من الدستور المغربي الذي يجرّم استغلال النفوذ وتضارب المصالح، إضافة إلى القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات، خاصة المادة 65 التي تمنع على أعضاء المجالس الجماعية ربط مصالح خاصة مع الجماعة، فضلًا عن مقتضيات القانون الجنائي المتعلقة بالرشوة واستغلال النفوذ وتبديد المال العام.
وطالبت الجهات الموقعة على الشكاية السلطات الإقليمية بفتح تحقيق إداري وقضائي نزيه في الموضوع، وتحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات القانونية اللازمة في حال ثبوت المخالفات، مع العمل على إعادة المشروع إلى وظيفته الأصلية كمرفق عمومي يخدم كافة الساكنة دون تمييز.
كما شددت الشكاية على ضرورة اتخاذ تدابير صارمة لمنع تكرار مثل هذه الممارسات، التي تسيء إلى صورة المؤسسات المنتخبة وتقوض ثقة المواطنين في تدبير الشأن المحلي.
وتعيد هذه القضية إلى الواجهة إشكالية الحكامة المحلية وربط المسؤولية بالمحاسبة، في ظل مطالب متزايدة بتفعيل آليات المراقبة والتصدي لكل أشكال استغلال السلطة، خاصة عندما يتعلق الأمر بمشاريع حيوية تمس الحق في الماء، باعتباره حقًا أساسيًا من حقوق الإنسان.
