يتجدد الجدل داخل الأوساط السياسية والرأي العام بالريف المغربي حول ما إذا كان حزب الاستقلال يكرّس، عن قصد أو عن غير قصد، منطق الإقصاء في حق أقاليم الريف، وعلى رأسها الحسيمة والناظور والدريوش وبركان وجرسبف ، في خطوة وصفها متابعون بـ«الصادمة» و«غير المفهومة»، خاصة في ظل القيادة الجديدة للحزب.
فرغم أن حزب الاستقلال نجح، بفضل أسماء وازنة، في ترسيخ حضوره السياسي بالريف، وعلى رأسهم نور الدين مضيان الذي ظل قوة انتخابية أولى بإقليم الحسيمة لأزيد من ثلاثة عقود دون انقطاع، وساهم بشكل كبير في تلميع صورة الحزب بالمنطقة، كما فعل محمد الطيبي بإقليم الناظور، إلا أن هذه التضحيات السياسية لم تُترجم إلى حضور داخل أعلى هيئة تقريرية بالحزب.
ويثير غياب أي تمثيلية لأقاليم الريف داخل المكتب التنفيذي لحزب الاستقلال علامات استفهام كبرى، خاصة أن أحزابًا سياسية أخرى، بمختلف مرجعياتها، نجحت في إدماج كفاءات ريفية ضمن هياكلها القيادية. فحزب الأصالة والمعاصرة يضم قيادات بارزة من الحسيمة، من بينها فاطمة السعدي عضوة المجلس الرئاسي، ومحمد الحموتي عضو الديوان السياسي. كما يتوفر حزب التجمع الوطني للأحرار على عدة أسماء من الإقليم داخل مكتبه السياسي، من بينهم الطالبي العلمي المتحدر من تغزويت بالحسيمة، إضافة إلى رئيس جهة الشمال عمر مورو. أما حزب الاتحاد الاشتراكي فيضم عضوين من الحسيمة داخل مكتبه السياسي، وهو الحال نفسه بالنسبة لحزب الحركة الشعبية ، بالإضافة إلى حزب العدالة والتنمية بممثل واحد في أعلى هرم سلطته .
أمام هذا الواقع، يتساءل متتبعون للشأن السياسي: كيف يُعقل أن تُقصى أقاليم الريف من المكتب التنفيذي لحزب الاستقلال، رغم ما قدمه له رموزه بالمنطقة من مكاسب انتخابية وتنظيمية، وهي مكاسب لم يحققها، بحسب مراقبين، أي من القياديين الريفيين المذكورين داخل الأحزاب الأخرى؟
أسئلة تبقى مفتوحة، في انتظار توضيحات من قيادة حزب الاستقلال، وسط مخاوف من أن يتحول هذا الإقصاء غير المبرر إلى أزمة ثقة جديدة بين الحزب وأقاليم الريف.
14/12/2025