في مدينة وجدة، حيث تتقاطع مصالح العمران بالمال، يطفو إلى السطح اسم مكتب محاسبة “Fiduciere” بوصفه ـ وفق معطيات حصرية ومصادر متطابقة ـ حلقة غامضة داخل منظومة عقارية يُشتبه في اشتغالها بمنطق “العائلة أولاً”، وباحترافية تذكر بقصص المافيات العالمية. روايات تتداولها أوساط مهنية وإدارية تتحدث عن “علبة سوداء” تُدار من خلف الأبواب المغلقة، وتُنسج فيها خيوط محاسباتية وقانونية على المقاس.
وحسب ما توصلت به جريدة “كواليس الريف” من معلومات قيد التحقق، فإن المكتب يُنسب تسييره الفعلي إلى المحاسب المعروف باسم خالد الإدريسي، الملقب بـ“أبو ياسر” داخل بعض الأوساط، وهو ـ وفق المصادر نفسها ـ صهر المقاول صلاح الدين المومني. وتضيف المعطيات أن المكتب يُستعمل في تدبير الشق المحاسباتي لشركات يُقال إنها تعود للمقاول المذكور أو يُساهم فيها أو تُدار بالوكالة من محيطه، سواء كانت شركات قائمة أو أخرى وُصفت بالوهمية، من قبيل “Arkam Dar”.
وتذهب الروايات المتداولة أبعد من ذلك، إذ تتحدث عن صياغة قوانين أساسية للشركات “على المقاس”، وتعديل مضامينها بحسب ما تقتضيه التصريحات الضريبية، مع إعداد تقارير مالية يُشتبه في كونها غير مطابقة للواقع. كما تشير المصادر إلى حصر المعاملات العمرانية داخل دائرة ضيقة تجمع بين مقاول معروف، وشقيقه الذي يُقدَّم كخطيب جمعة، وصهر محاسب، بما يُغذي الشبهات حول فواتير مزورة ومناورات للتهرب الضريبي.
ومن بين ما أثار الانتباه أيضاً، وعود بيع تتعلق بشركة تحمل اسم “Oum Al Qoura L’Iskan”، تُنسب ملكيتها لشخص يدعى عبد الله ربحي. وتفيد وثائق اطّلعت عليها الجريدة ـ دون الجزم بصحتها النهائية في انتظار الخبرة ـ بأن التوقيع على بعض هذه الوثائق كان يتم من طرف المقاول المعني أو عبر ختم شركة “Xantra”، في ما قد يشكل، إن ثبت، خرقاً صريحاً لقانون الالتزامات والعقود.
عقود مبهمة، معاملات غير مفهومة، تقارير مالية مشكوك فيها… مشهد يوحي، بحسب متابعين، وكأن المعنيين أسسوا منظومة موازية بقوانينها الخاصة داخل الإدارة، وتحت أعين مؤسسات يُفترض أنها تسهر على المراقبة والزجر.
وأمام خطورة ما يُتداول، يظل السؤال المشروع مطروحاً:
هل ستتحرك مفتشية الضرائب والأبحاث المالية لوضع شركات المقاول ومكتب المحاسبة تحت المجهر؟ وهل ستُراجع العمليات المحاسباتية والعقارية المشتبه فيها، حمايةً للمال العام وصوناً لتوازن المنظومة الجبائية والمالية الوطنية؟
