تفجّرت بمدينة وجدة معطيات خطيرة توصف بـ“الفضيحة البنكية”، بطلها مقاول معروف يدعى صلاح الدين المومني، بعد استفادته من قرض بنكي ضخم ناهز ثلاثة مليارات سنتيم، مقابل ضمانات عقارية تثير أكثر من علامة استفهام.
وحسب وثائق ومعطيات حصلت عليها الجريدة، فإن القرض المذكور مُنح على أساس عقارين يحملان الرسمين العقاريين 4687/O و 29265/44، رغم أن هذين العقارين كانا موضوع اتفاق سابق منذ سنة 2017 بين المقاول وجمعية سكنية، من أجل إنجاز شقق سكنية من صنف السكن الاجتماعي، ما يطرح شكوكا قوية حول قانونية رهنهما وطريقة تمرير القرض.
وتزداد الشبهات تعقيدًا، عندما تشير المعطيات إلى أن قيمة القرض تفوق بكثير القيمة الحقيقية للضمانات المقدمة، خاصة وأن الأرض التي شُيّد عليها المشروع لا ترقى لتغطية هذا المبلغ الضخم. الأخطر من ذلك، أن المقاول نفسه عاجز عن تسديد دين خاص لا يتجاوز 130 ألف درهم، وهو ثابت بشهادة الملكية، ما يطرح سؤالًا صادمًا: كيف سيُسدد قرضًا بمليارات السنتيمات؟ ومن يتحمّل المسؤولية؟
التحقيقات التي توصلت بها الجريدة تكشف أيضًا أن شركة XANTRA، التي لا يتجاوز رأسمالها 100 ألف درهم، قامت بـالتصرف في العقار المحجوز لفائدة البنك عبر بيوعات فردية، خارج الإطار القانوني للجمعية السكنية، في وقت تم فيه الزج برئيس الجمعية في السجن وتقديمه كـ“كبش فداء” في ملف خيانة الأمانة، تفاديًا لانفجار الملف بالكامل ووصوله إلى النيابة العامة المختصة في الجرائم المالية.
وتشير ذات المعطيات إلى تورط البنك في أفعال قد ترقى إلى تبديد أموال عمومية، مقابل اختلاس القرض من طرف المستفيد، وهو ما أدخل المؤسسة البنكية، رفقة أعضاء الجمعية، في متاهات معقدة.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، إذ تم ( حسب الوثائق ) إبرام عقود وعد بالبيع خارج إطار القانون على عقار محجوز، مع الاحتفاظ بشيكات على سبيل الضمان إلى غاية سنة 2028، في وضعية غريبة جعلت المقاول يلعب أدوارًا متعددة في آن واحد: مقاول، وبنك، ومقرض، وقابض، ومحصّل، ضمن عملية وُصفت بالمنظمة والمتداخلة والغامضة.
أمام هذه المعطيات الثقيلة، تتعالى الأصوات المطالِبة بـفتح تحقيق جنائي مالي عاجل، مع تكليف فرقة مختصة لفك لغز هذه المقاولات التي ظلت إلى وقت قريب ، خارج دائرة المحاسبة.
ويبقى السؤال الكبير معلقًا:
هل تتحرك النيابة العامة لوضع حد لهذا الملف وحماية حقوق المتضررين، أم يُطوى مرة أخرى في دهاليز الصمت؟
