خلصت دراسة أكاديمية حديثة أنجزها الدكتور عمر إحرشان، أستاذ العلوم السياسية والقانون العام بجامعة القاضي عياض بمراكش، إلى أن وسائط التواصل الاجتماعي أحدثت تحولات عميقة في الثقافة السياسية وأنماط الاحتجاج بالمغرب في مرحلة ما بعد الربيع العربي، إذ انتقلت من مجرد أدوات للتواصل إلى قوة مؤثرة في الفعل الجماعي، مع ما يحمله ذلك من إمكانات للتعبئة وحدود تفرضها طبيعتها المركبة كسلاح ذي حدين.
وأبرزت الدراسة، المنشورة في العدد الأخير من مجلة القانون الدستوري والعلوم الإدارية، أن العلاقة بين الحراكات الميدانية والنشاط الافتراضي ليست ثابتة، بل تختلف من تجربة إلى أخرى، حيث تحولت هذه الوسائط في بعض الحالات من عنصر داعم إلى ركيزة أساسية للاحتجاج. كما ساهمت، في فترة زمنية وجيزة، في توسيع دائرة التفاعل والانفتاح على التحولات العالمية، وأشاعت نموذجا جديدا للمواطنة العابرة للحدود، رافقه تصاعد في ثقافة الاحتجاج وتراجع نسبي لدور الإعلام التقليدي.
وسجل الباحث أن هذا التحول قوبل بتكيف من طرف السلطات، التي عملت على تضييق فضاءات اشتغال هذه المنصات وخلق فضاء افتراضي مضاد عبر آليات مختلفة، في مقابل ما تعانيه بعض الحراكات من هشاشة مرتبطة بغياب التنظيم والقيادة والاستمرارية. وخلصت الدراسة إلى أن مستقبل العلاقة بين الفعل الاحتجاجي ووسائط التواصل يظل مفتوحا على المد والجزر، مؤكدة أن الرهان الحقيقي يكمن في تحقيق التكامل بين النضال الميداني والافتراضي، بما يوازن بين قوة الحشد وسؤال التنظيم والصمود على المدى الطويل.
17/12/2025