kawalisrif@hotmail.com

عاصفة داخل جماعة الهراويين :    خلافات حادة تفجّر سوء تدبير غير مسبوق ، والمحكمة تدخل على خط الأزمة

عاصفة داخل جماعة الهراويين : خلافات حادة تفجّر سوء تدبير غير مسبوق ، والمحكمة تدخل على خط الأزمة

تشهد جماعة الهراويين، الواقعة بضواحي الدار البيضاء ، حالة من الاضطراب السياسي والمؤسساتي غير المسبوق، باتت ملامحه واضحة في طريقة تدبير الشأن المحلي، بعدما خرجت الخلافات داخل المجلس الجماعي من دائرة الاختلاف الطبيعي إلى مستوى صراع مفتوح يهدد استقرار العمل الجماعي ويثير مخاوف الساكنة.

وحسب معطيات متطابقة، لم تعد التوترات الراهنة مجرد تباين في المواقف أو تباين في الرؤى حول أساليب التدبير، بل تحولت إلى مواجهة متعددة الواجهات، تتشابك فيها الحسابات السياسية مع التأويلات القانونية، وسط تبادل اتهامات بشأن احترام المساطر القانونية وضمان الحكامة الجيدة في تدبير الموارد العمومية.

وخلال الفترة الأخيرة، عادت ملفات ذات طابع إداري وجبائي لتطفو على السطح، في سياق قرارات وُصفت بالمثيرة للجدل، أعادت طرح أسئلة حارقة حول مستوى الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة داخل الجماعة، في وقت تتزايد فيه حاجة الساكنة إلى تدبير عقلاني يضع المصلحة العامة فوق كل اعتبار.

وفي خضم هذا المشهد المشحون، دخل القضاء الإداري على خط الأزمة، بعد أن حسمت المحكمة الإدارية بالدار البيضاء في النزاع القائم بين رئيس الجماعة ونائبه الأول، والذي سعى من خلاله الرئيس إلى تجريد نائبه من مهامه داخل المكتب المسير، بدعوى تخليه عن القيام بواجباته.

المحكمة، وبعد فحصها لملف الدعوى، قضت برفض الطلب، معتبرة أن الشروط الشكلية وإن كانت متوفرة، فإن الأساس القانوني للطلب يظل غير قائم من حيث الموضوع، وهو قرار أعاد خلط الأوراق داخل المجلس، وكرّس مرحلة جديدة من التعقيد في مسار الأزمة.

ويجمع متتبعون على أن هذا الحكم لم يكن مجرد إجراء قضائي عابر، بل شكل مؤشراً واضحاً على عمق الخلل الذي يطبع العلاقة بين مكونات المجلس، وكشف عن هشاشة الانسجام الداخلي وصعوبة تدبير الخلافات في إطار مؤسساتي سليم.

وتعود فصول هذه القضية إلى أواخر يونيو 2025، حين بادر رئيس الجماعة إلى الدعوة لعقد دورة استثنائية خُصصت للتصويت على عزل النائب الأول، مستنداً إلى مقتضيات قانونية اعتبرها مبررة لهذا الإجراء، غير أن مسار التدبير أثار حينها موجة واسعة من التحفظات والاعتراضات، سواء داخل المجلس أو خارجه.

عدد من الفاعلين المحليين رأوا أن طريقة معالجة هذا الملف اتسمت بنزعة انفرادية، وافتقرت لمنطق الحوار والتوافق، ما عمّق حالة الاحتقان بدل احتوائها، في وقت كانت فيه الجماعة في أمسّ الحاجة إلى التهدئة وتعبئة الجهود لمواجهة التحديات التنموية المطروحة.

ومع اتساع رقعة الخلاف، لجأ أعضاء من المجلس إلى تفعيل مساطر الرقابة المؤسساتية، عبر مراسلة السلطات المختصة وهيئات الحكامة، مطالبين بفتح تحقيقات في عدد من القرارات المرتبطة بتدبير الشأن المالي والجبائي، وهو ما أكد أن الأزمة تجاوزت الإطار السياسي لتأخذ بعداً قانونياً ومؤسساتياً.

هذا المسار زاد من حدة الاستقطاب داخل الجماعة، حيث انقسمت الآراء بين من يعتبر الخطوات المتخذة ممارسة مشروعة للرقابة والمساءلة، وبين من يرى أنها تحولت إلى صراع شخصي وحزبي ألقى بظلاله الثقيلة على السير العادي للمجلس.

النتيجة المباشرة لهذا الوضع، بحسب متابعين، كانت تباطؤاً واضحاً في وتيرة العمل الجماعي وتعطلاً لعدد من الملفات الحيوية المرتبطة بالخدمات الأساسية والبنيات التحتية، ما زاد من منسوب القلق لدى الساكنة.

ويرى مهتمون بالشأن المحلي أن أزمة الهراويين تعكس في جوهرها اختلالات بنيوية أوسع في تدبير الجماعات الترابية، ترتبط بتعقّد الإطار القانوني، وتعدد التأويلات، وغياب آليات فعالة لتدبير النزاعات داخل المجالس المنتخبة، وهو ما يطرح الحاجة الملحّة لإعادة النظر في أساليب الحكامة المحلية وتعزيز ثقافة الحوار والمؤسسات.

20/12/2025

مقالات خاصة

Related Posts