kawalisrif@hotmail.com

في القاهرة … العصابة التي تحكم الجزائر تصطدم بجدار التجاهل الإفريقي في مؤتمر القاهرة وتغرق في هوس الصحراء

في القاهرة … العصابة التي تحكم الجزائر تصطدم بجدار التجاهل الإفريقي في مؤتمر القاهرة وتغرق في هوس الصحراء

في كواليس منتدى الشراكة العربية-الإفريقية بالقاهرة، لم يمرّ تحرك وزير الخارجية الجزائري مرور الكرام، لكنه أيضًا لم يحقق ما كان يُراد له. فبينما كانت الدول المشاركة منشغلة ببناء جسور التعاون والاستثمار، ظهر المسؤول الجزائري وكأنه يبحث عن معركة قديمة في ساحة لم تعد تعترف بها: إعادة بعث ملف الصحراء المغربية بأي ثمن، حتى في غياب البوليساريو نفسها.

المشهد كان كاشفًا. الجزائر حاولت فرض موضوع خارج السياق، واستغلال منصة إقليمية لا تحتمل هذا النوع من التوظيف، لكن النتيجة جاءت مخيبة. فباستثناء دولتين تُصنّفان ضمن الاحتياطي التقليدي للدبلوماسية الجزائرية، لم تجد هذه المحاولات أي صدى. أغلب العواصم الإفريقية تعاملت مع الطرح الجزائري ببرود محسوب، وبعضها تجاهله كليًا، في رسالة أوضح من أي بيان رسمي.

الأكثر إثارة أن وزير الخارجية الجزائري، وهو يكرر خطابه المستهلك عن “القضايا العادلة”، حاول إدخال الصحراء المغربية في نفس الخانة مع القضية الفلسطينية، في مزايدة سياسية فجّة لم تعد تنطلي حتى على حلفاء الأمس. فالدول الإفريقية، التي دفعت ثمن النزاعات المفتعلة لعقود، باتت أكثر وعيًا بكلفة الاصطفاف الأيديولوجي، وأقل استعدادًا للعب دور الكومبارس في صراعات لا تخدم مصالحها.

الضربة الأقوى جاءت من مصر، بثقلها التي اختارت تجاهل الملف بالكامل في لقائها مع أحمد عطاف. وتنزانيا سارت في الاتجاه نفسه. تجاهلٌ لم يكن صدفة، بل صفعة دبلوماسية صامتة تعكس رفضًا واضحًا لتحويل المنتديات الاقتصادية والسياسية إلى منصات لتصفية الحسابات.

في الخلفية، يتكرس اتجاه دولي وإفريقي متسارع: إغلاق الأبواب أمام الكيانات غير المعترف بها، وعلى رأسها البوليساريو، وحصر النقاش والتعاون بين الدول ذات السيادة. وهو مسار يُضيّق الخناق أكثر فأكثر على النظام الجزائري، الذي يجد نفسه اليوم وحيدًا تقريبًا في الدفاع عن أطروحة فقدت صلاحيتها السياسية والأخلاقية.

ما جرى في القاهرة لم يكن مجرد تفصيل بروتوكولي، بل مرآة لعزلة متفاقمة. نظام جزائري يراكم الإخفاقات الخارجية كما يراكم الأزمات الداخلية، ويصرّ على الهروب إلى الأمام عبر افتعال نزاع إقليمي بدل مواجهة أسئلة الشعب الجزائري عن الحرية والتنمية والمستقبل.

إفريقيا تغيّرت، والعالم تغيّر، لكن العصابة الحاكمة في الجزائر ما زالت أسيرة منطق قديم: صناعة الأعداء لتبرير الفشل. غير أن الرسالة هذه المرة كانت قاسية وواضحة: زمن توظيف الصحراء كورقة ضغط يقترب من نهايته، مهما طال الإنكار.

21/12/2025

مقالات خاصة

Related Posts