kawalisrif@hotmail.com

مدريد تراهن على ترامب لإنقاذ إمدادات الغاز عبر المغرب … والرباط تراقب بعين دقيقة !

مدريد تراهن على ترامب لإنقاذ إمدادات الغاز عبر المغرب … والرباط تراقب بعين دقيقة !

بينما تُعلن وسائل الإعلام الإسبانية عن “أزمة غاز كبرى” و”حاجة عاجلة لتدخل دولي”، يقف المغرب هادئًا على هامش المسرح، يراقب ويرتشف قهوة الدبلوماسية. مدريد، التي لطالما تاهت بين مصالحها الداخلية وأوهامها الإقليمية، تبدو اليوم في مهمة استجداء، تلملم أوراقها أمام الكاميرات وتنتظر أن يأتي ترامب ليحلّ أزمة لم تتمكن حكوماتها الأوروبية من فك طلاسمها منذ سنوات.

في مشهد يكشف حجم الفوضى والاعتماد الإسباني على التدخلات الخارجية، تراهن حكومة پيدرو سانشيز على وساطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لإقناع الجزائر بإعادة تشغيل خط الغاز المار عبر المغرب، الذي كان يمد إسبانيا بالغاز الطبيعي قبل أن يُغلق أواخر 2021 بسبب الخلافات السياسية بين الرباط والجزائر.

وتشير مصادر رسمية إسبانية إلى أن: «الأجواء بدأت تتغير وقد تؤدي هذه الوساطة إلى اتفاقات إقليمية، مع احتمال كبير لاستئناف تشغيل خط الغاز الذي يعبر المغرب».

اكن الواقع يكشف أن الجزائر سبق لها أن رفضت جميع محاولات مدريد والاتحاد الأوروبي لإعادة تشغيل الخط، في موقف يؤكد عمق الخلافات الإقليمية والتوترات المستمرة مع المغرب، خصوصًا بعد اعتراف إسبانيا بخطة المغرب حول الصحراء.

في المقابل، أصبح المغرب يستفيد اليوم من إغلاق الخط الجزائري، إذ يعوض جزءًا من احتياجاته عبر الغاز المستورد من الأسواق العالمية والمحوّل في محطات إسبانية، قبل أن يمر عبر نفس الخط ليصل إلى المملكة، ما يبرز بوضوح قدرة المغرب على التحايل الدبلوماسي والتقني على أزمات الطاقة الإقليمية، حسب تعبير بعض الصحف الإسبانية التي لا تخفي انزعاجها من هذا الواقع.

من جهة أخرى، ترى مدريد أن تدخل واشنطن قد يكون الحل الوحيد لكسر الجمود، خصوصًا مع تهديد أوروبا بالاعتماد على الغاز الروسي في السنوات المقبلة، وتصبح إعادة تشغيل الخط عبر المغرب مفتاحًا لتأمين الإمدادات الإسبانية، وربما الأوروبية أيضًا، عبر خط Medgaz الرابط بين الجزائر وإسبانيا مرورًا بألميريا.

غير أن المفارقة تكمن في أن الأزمة لم تكن فقط بين الجزائر والمغرب؛ بل ساهمت قرارات مدريد بشأن الصحراء المغربية في زيادة التوتر مع الجزائر، مما يوضح أن السياسة الإسبانية تجاه المنطقة لا تزال مشوبة بالتناقضات والارتجال.

عندما حاولت إسبانيا تحويل مسار الغاز لإمداد المغرب، هددت الجزائر بعواقب إذا كان الغاز أصله جزائري، بينما يؤكد المغرب أن الغاز المستورد من إسبانيا مشتَرى من الأسواق الدولية على شكل غاز طبيعي مسال، يُعالج في محطات إسبانية قبل أن يصل إلى المملكة، مع تجاهل جزئي لمصدر الغاز الروسي، ما يكشف حجم الفوضى التي تواجهها مدريد في ملف الطاقة.

وتلعب مدريد اليوم لعبة معقدة بين الجزائر والمغرب وأوروبا وواشنطن، لكنها لا تزال عاجزة عن إدارة ملف الطاقة دون وسيط أمريكي، وكأنها تكتشف فجأة أن العالم لا يدور حولها وحدها. في المقابل، يواصل المغرب مراقبة المسرح من الخلفية، مستفيدًا من كل تحركات الجارين، سواء لشراء الغاز أو لتعزيز مكانته الدبلوماسية، تاركًا الإسبان يتقاذفون الأخبار والوساطات، ويظهرون للعالم أنهم أحيانًا يحتاجون إلى درس من الواقعية المغربية.

21/12/2025

مقالات خاصة

Related Posts