kawalisrif@hotmail.com

الحياة في مراكز القُصَّر بإسبانيا :     قصة مغربي تُستثمر إنسانيًا لإخفاء أصل المأساة

الحياة في مراكز القُصَّر بإسبانيا : قصة مغربي تُستثمر إنسانيًا لإخفاء أصل المأساة

بهذا العنوان المكثف، تختزل صحيفة إسبانية مسار مراهق مغربي في جملة واحدة، توحي بأن الكرامة لا تبدأ إلا بعد عبور البحر، وأن البؤس قدر جغرافي مرتبط بالمغرب، فيما الخلاص حكر على الضفة الشمالية.

المقال يسلّط الضوء على تجربة شاب مغربي يُدعى محمد الحراك، غادر قريته الجبلية قرب طنجة وهو في السابعة من عمره، لينتهي به المطاف في شوارع إسبانيا، قبل أن تحتضنه لاحقًا جمعيات تُعنى بمن غادروا مراكز إيواء القُصَّر الأجانب غير المرفوقين. وهي جمعيات، مثل “إكسميناس”، أسسها شبان عاشوا التجربة نفسها، ويقدَّمون اليوم كنماذج “نجاح” بعد اجتياز مسار مليء بالمخاطر.

لكن خلف هذا السرد الإنساني، تُمرِّر الصحيفة خطابًا إشكاليًا مألوفًا في الإعلام الإسباني:

خطاب يركّز على معاناة فردية معزولة، ويحوّلها إلى حجة ضمنية لتبرير واقع الهجرة غير النظامية، دون التوقف الجدي عند مسؤولية السياسات الأوروبية، أو عند شبكات الاستغلال، أو حتى عند الكلفة النفسية والاجتماعية التي يدفعها هؤلاء الأطفال.

الطفل الذي “تعلّم البقاء بدل الكتابة”، كما تصفه الجريدة، يُقدَّم بوصفه نتاج بيئة مغربية فاشلة، لا كضحية اختلالات مركّبة: فقر عابر للحدود، سياسات حدودية قاسية، ونموذج اقتصادي أوروبي يستفيد من اليد العاملة الهشة ثم يشيطنها سياسيًا وإعلاميًا.

والمفارقة أن الصحيفة نفسها، التي تفتح اليوم نافذة تعاطف، كانت بالأمس جزءًا من ماكينة شيطنة “الميناس”، ووصمهم بالخطر والانفلات والجريمة، قبل أن تعيد تدوير قصصهم عندما تخدم السردية الإنسانية الانتقائية.

في المحصلة، لا يُنكر المقال معاناة الطفل المغربي، لكنه يُعيد إنتاجها ضمن منظور غير متوازن:

منظور يُبيّض صورة “نظام الاستقبال” الإسباني، ويُسقِط من الحساب أن الكرامة الإنسانية لا ينبغي أن تكون مشروطة بالهجرة، ولا أن تُستعمل كأداة إعلامية في نقاش سياسي مشحون.

21/12/2025

مقالات خاصة

Related Posts