في تحدٍّ سافرٍ للقانون، وعلى مسارٍ يشبه نهج قانون الغاب أكثر مما يشبه دولة المؤسسات، يواصل المقاول صلاح الدين المومني تمدده المثير للجدل، معتمدًا، بحسب معطيات متطابقة، أساليب احتيالية بامتياز، جعلت من القانون مجرد آلة موسيقية يعزف على أوتارها مقامات تجاوزاته الخطيرة، دون اعتبار لهيبة النصوص ولا لحقوق المتضررين.
وتتعقّد خيوط الملف أكثر حين يبرز دور مكتب محاسبة يعود إلى صهره، الفقيه والداعية خالد الإدريسي، المتطرف والذي دعا ذات يوم في قناته عبر اليوتيوب ، التي تم حجبها ،إلى “القصاص والحد في وجه من يراهم كفار ومنافقين” ( وذلكم موضوع آخر سنعود لتفاصيله ) ؛ حيث يتم الاشتغال تحت غطاء جمعية تحمل اسمًا دينيًا لافتًا: “جمعية الأزهر السكنية”. هذا الغطاء، وفق ما يروج، استُعمل للترويج والتسويق وبيع مشاريع سكنية تعود في أصلها إلى الجمعية السكنية لرجال التعليم، وهي مشاريع توجد في قلب نزاعات قضائية معروضة على محاكم وجدة، إثر شكايات مباشرة في مواجهة المقاول نفسه، الذي يوصف من طرف متتبعين بكونه يتمتع بـ“حصانة غير مفهومة”.
وأمام خطورة الوضع، لجأت الجمعية المتضررة إلى تقييدات احتياطية لدى المحافظة العقارية، في محاولة قانونية لصون حقوق المنخرطين وحمايتها من أي تفويت أو تصرف مشبوه. وهي تقييدات يمنع معها، وطبقًا للقانون، كل تصرف في العقار من بيع أو رهن أو تفويت، إلى حين الحسم النهائي في النزاعات المعروضة على القضاء.
ويؤطر هذا الإجراء بوضوح الفصل 85 من ظهير التحفيظ العقاري، المعدل بالقانون 14.07، الذي ينظم التقييد الاحتياطي باعتباره إجراءً تحفظيًا يسمح لكل من يدّعي حقًا على عقار محفظ بطلب تقييد مؤقت، سواء بناءً على سند لا يمكن تقييده فورًا، أو على مقال دعوى مرفوعة أمام القضاء، أو بأمر صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية. ويهدف هذا التقييد إلى ضمان رتبة الحق لاحقًا، مع إشعار الغير بوجود نزاع أو حق محتمل على العقار.
غير أن المقاول صلاح الدين المومني، ومن يدور في فلكه، يبدو أنهم يعتمدون مدونة تحفيظ عقاري خاصة بهم، لا تعترف لا بتقييد احتياطي ولا بنزاع قضائي. فبالرغم من المنع القانوني الصريح، تستمر عمليات البيع عبر إعلانات تمويهية وملغمة، تحمل عبارات إشهارية مثيرة للريبة من قبيل: (دون رقم الهاتف… وسيتم الاتصال من أجل الشرح وحجز الشقة) ، في ما يعتبره متتبعون خطة محكمة للالتفاف على القانون، والإجهاز على حقوق المتقاضين والمنخرطين المطالبين بحقوقهم أمام المحاكم.
وفي تطور لافت يؤكد خطورة ما يُتداول، علمت جريدة “كواليس الريف” من مصادر قضائية أن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بوجدة أمر بفتح تحقيق قضائي في قضية المقاول المثير للجدل صلاح الدين المومني، على خلفية المعطيات والوقائع المشبوهة المرتبطة بهذا الملف، في خطوة اعتبرها متابعون مؤشرًا على دخول القضية مرحلة جديدة.
ويبقى السؤال المطروح بإلحاح:
هل سيُفضي هذا التحقيق إلى وقف هذا العبث ووضع حد لنزيف حقوق المنخرطين، أم سيظل القانون مجرد لحنٍ يُعزف تحت مظلة العدالة، فيما يدفع المتضررون ثمن الصمت والانتظار؟
