قدمت الرابطة المحمدية للعلماء بالرباط مشروعها العلمي الجديد “دليل المنهجية الفقهية في مؤلفات المذاهب الأربعة”، الذي يضم أجزاءً متعددة توثق تاريخ المذاهب المالكي والشافعي والحنفي والحنبلي، ومصادرها المعتمدة، ومعاجم لمصطلحاتها ورموزها ومبهماتها. ويهدف المشروع، الذي ساهم في إنجازه عدد من الأكاديميين والباحثين، إلى إحياء الصلة بالفقه الإسلامي على أسس منهجية رصينة، وتزويد الباحثين بخرائط علمية تسهّل استنباط الأحكام وتفهم تطور الفكر الفقهي الإسلامي عبر العصور.
وخلال حفل التقديم، أوضح أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة، أن المشروع بمثابة “حقيبة معرفية” تمكّن من الغوص في المذاهب الفقهية بفهم علمي دقيق، معتبراً أن الوعي الفقهي لا يمكن أن يتحقق دون أدوات تحليلية وضوابط منهجية. وحذر من ظاهرة “اللامذهبية” التي وصفها بأنها “نزوع خطير يزعم القدرة على تجاوز تراكمات المذاهب دون الرجوع إلى أصولها التاريخية والاجتماعية”، مشدداً على أن القراءة السليمة للتراث الفقهي تتطلب امتلاك المفاتيح الضرورية لاستيعابه. وأكد أن الرابطة، من خلال مركزها للدراسات في المذهب المالكي، عملت على إعداد خرائط ودلائل علمية تساعد الباحثين في التعامل مع الموروث الفقهي بمنهجية علمية دقيقة تحفظ عمقه وسياقه.
من جانبه، أبرز محمد العلمي، رئيس مركز البحوث والدراسات في الفقه المالكي، أن المشروع يهدف إلى مساعدة الأجيال الجديدة على فهم نتاج أربعة عشر قرناً من الاجتهاد الفقهي الذي نشأ في ظروف واقعية شكلت أساس استقرار المجتمعات الإسلامية. وأضاف أن المجلدات الاثني عشر المكونة للمشروع تؤرخ لتطور المذاهب من خلال مؤلفاتها، وتقدم معاجم توضح مصطلحاتها ومفاهيمها. أما الباحث طه فطناسي فأوضح أن المعاجم الجديدة تسعى إلى تذليل صعوبات البحث في النصوص الفقهية المليئة بالرموز والمصطلحات الغامضة. وأكدت الرابطة أن هذا المشروع يأتي رداً على تفشي النزعة اللامذهبية التي أضعفت منهجية دراسة الشريعة، وتهدف من خلاله إلى استعادة الوعي بأصول الفقه وتجديد الصلة بين الأمة وعلمائها ومؤسساتها العلمية.
24/12/2025