عاش مقر المحكمة الابتدائية بترݣيست ، بالحسيمة ؛ يومه الأربعاء 24 دجنبر الجاري، لحظة استثنائية بكل المقاييس، بعدما مثُل البرلماني الاستقلالي عن دائرة الحسيمة ورئيس فريق الوحدة والتعادلية السابق نور الدين مضيان أمام هيئة الحكم ، في ما بات يُعرف إعلاميًا بقضية “التشهير” التي رفعتها ضده رفيعة المنصوري، نائبة رئيس مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة.
جلسة ماراثونية امتدت لأزيد من خمس ساعات، تحولت خلالها القاعة إلى مسرح قانوني محتدم بين دفوعات الطرفين، وتقاطعات سياسية وحسابات قديمة ظلت تلاحق الملف منذ بدايته.
منذ اللحظات الأولى للجلسة، بدا واضحًا أن دفاع الشاكية رفيعة المنصوري اختار منحى سياسيًا وحقوقيًا، مسلطًا الضوء على مقتضيات دستور 2011 وما خصّ به المرأة المغربية من حماية قانونية ورمزية، مع الإشارة إلى التزامات المغرب الدولية في مجال صون حقوق النساء ومحاربة كل أشكال الإساءة إليهن. غير أن هذا المسار ، بدا في نظر الكثيرين متعارضًا مع مضمون الدعوى نفسها، التي يقوم جوهرها على تسجيل صوتي مثير للجدل تم تداوله عبر تطبيق “واتساب”.
في الجهة المقابلة، ركز دفاع نور الدين مضيان على سؤال جوهري: “كيف يُعقل أن يكون مضيان نفسه المتهم بنشر تسجيل صوتي يمسه شخصيًا ويضره سياسيًا؟”. وأكد الفريق الدفاعي أن موكله لم يكن سوى “ضحية تسريب”، لكون التسجيل عائد لمكالمة خاصة جمعته بإحدى السيدات، ثم تم تداوله خارج سياقه وبنية الإساءة إليه والزج باسمه في صراعات سياسية مكشوفة.
مضيان، الذي بدا متماسكًا خلال استجوابه، لم يُخفِ وصف نفسه بـ“الضحية الحقيقية” لما قال عنه “مؤامرة محبوكة”، شارك فيها شاهدان في الملف إلى جانب أطراف أخرى، كانت ( حسب قوله ) حريصة على إسقاطه سياسيًا.
وأضاف أنه دفع ثمن هذه المآمرة المحبوكة باهظًا، بعدما فقد فرصًا مهمة كان مرشحًا لها لشغل منصب سامٍ، قبل أن تتعرض مسيرته لـ“تشويه متعمد”، رغم براءته.
دفاع مضيان استند كذلك على اجتهادات قضائية بارزة، من بينها قرار لمحكمة النقض اعتبر أن المحادثات والتسجيلات الصوتية الثنائية عبر تطبيقات التراسل الفوري لا تُعد في حد ذاتها جريمة ولا يمكن تصنيفها تلقائيًا ضمن خانة التشهير، ما لم تتوافر شروط قانونية دقيقة تثبت نية الإساءة ونشر الضرر.
وبعد نقاش مطوّل وإدلاء دفاع مضيان بحجج قوية ، قررت هيئة المحكمة حجز الملف للمداولة على أن يتم النطق بالحكم في 31 دجنبر الجاري، في موعد ينتظره الرأي العام المحلي والجهوي بكثير من الترقب، نظرًا لثقل الأسماء المعنية بالملف .
24/12/2025