هويلفا : براميل وقود بلاستيكية تكشف الوجه المظلم لشبكات تهريب المخدرات التي إستعمرت جنوب إسبانيا

“فضيحة بيئية تهز شواطئ محمية “دونياّنا” وتكشف آثار تهريب المخدرات على الطبيعة”

تحولت مواقع التواصل الاجتماعي في إسبانيا خلال الأيام الأخيرة إلى ساحة غضب واتهامات، بعد انتشار صور ومقاطع فيديو تُظهر التدهور الخطير الذي لحق بشواطئ محمية دونياّنا الواقعة بمقاطعة هويلفا جنوب إسبانيا، حيث غطّت الرمال عشرات العبوات البلاستيكية المليئة ببقايا الوقود، والتي تُستخدم عادةً في عمليات تهريب المخدرات القادمة من السواحل المغربية نحو الضفة الإسبانية.

هذه العبوات لا تُشوه فقط المشهد البيئي لإحدى أبرز المحميات الطبيعية في أوروبا، بل تشكّل خطرًا مباشرًا على الحياة البحرية والطيور، كما تهدد سلامة مرتادي الشواطئ وتحوّل منطقة طبيعية محمية إلى مكبّ نفايات خطير. شهادات سكان مقاطعة هويلفا وزوار الشاطئ عبّرت عن صدمة كبيرة من حجم الكارثة، حيث قال أحد المواطنين في تعليق متداول:
“ما رأيته أمر لا يُصدق… الوضع خرج عن السيطرة”.

ومع تصاعد الجدل، تكشف مصادر محلية وإعلامية أن تعبئة الوقود لزوارق التهريب لم تعد تتم كما في السابق قرب السواحل المغربية بعد تجفيف منابع التزود وتشديد الخناق الأمني على شبكات التهريب شمال المملكة، بل أصبحت تتم اليوم عبر محطات وموانئ بجنوب إسبانيا، إضافة إلى عمليات تزويد مباشرة وسط عرض البحر بواسطة قوارب مساندة، وهو ما يفسر وجود كميات كبيرة من عبوات الوقود المهجورة على شواطئ هويلفا. هذا التحول يعكس انتقال جزء من مسؤولية المخاطر البيئية من الضفة الجنوبية إلى الضفة الشمالية للمتوسط.

الانتقادات السياسية لم تتأخر، إذ اتهم ناشطون الحكومة الإسبانية، التي تقدّم نفسها على أنها “الأكثر التزامًا بالبيئة في تاريخ البلاد”، بالتقصير والعجز عن حماية كنز بيئي يقع في قلب مقاطعة هويلفا، معتبرين أن هذه الفوضى البيئية دليل على استمرار نشاط شبكات التهريب بقوة رغم الإجراءات الأمنية.

وتفتح هذه القضية نقاشًا أعمق حول التعاون الثنائي بين الرباط ومدريد في مكافحة التهريب. فبينما شددت السلطات المغربية الرقابة وكبّلت قدرة الشبكات على التزود من شواطئ المملكة، يبدو أن جزءًا من العبء البيئي تحوّل اليوم إلى الأراضي الإسبانية، ما يفرض مقاربة مشتركة أشمل تجمع بين الأمن وحماية البيئة.