قصة أخرى من قصص كرة القدم التي تبدأ في الأضواء وتنتهي في العتمة. اللاعب الإسباني السابق كوكي كونتريراس، الذي حمل أقمصة أندية كبيرة مثل ملقا، رايو فاييكانو وأولمبيك مارسيليا، صار اليوم حديث الإعلام الإسباني من داخل زنزانته، بعد أن تحول من لاعب محترف إلى متهم بقيادة شبكة دولية لتهريب المخدرات.
كوكي، البالغ 42 سنة فقط، اعترف في حوار مع “كانال بلوس فرنسا” أنه دخل عالم المخاطر بإرادته، بعدما أغراه المال السريع:
“كرة القدم تمنحك امتيازات ومالاً كثيراً، ربما مليون أورو في السنة… لكن في تجارة المخدرات تكسب في شهرين ما تكسبه في سنة كاملة… مقابل أنك تراهن بحياتك”، يقول دون الكثير من الندم.
اللاعب السابق الذي اعتاد التصفيق في الملاعب وجد نفسه وسط مجرمين من أوروبا كلها، مؤكدًا أنه لم يحظَ بأية معاملة خاصة رغم شهرته:
“لدي علاقات في كل مكان… لكنني لست بابلو إسكوبار. حين تسمع لقب ‘تاجر دولي’ تسأل نفسك: ماذا فعلت؟ هنا في السجن ترى قمصان مارسيليا أكثر مما تتخيل، وهناك فرنسيون كُثر… ولكن كونك لاعباً لا يغير شيئاً”.
القصة لم تبدأ أمس؛ إذ تم اعتقاله أول مرة سنة 2019، لكنه لم يتعظ. وبعد أربع سنوات أُدين مجددًا بست سنوات سجن بعد تفكيك شبكة لتهريب طن كامل من الحشيش وحجز أسلحة، وفق ما ذكر خلال الحوار. اليوم ينتظر إنهاء عقوبته إلى غاية 2027، وسط اعتراف قاسٍ:
“في فرنسا يمكن أن تُقتل بسرعة… وحتى هنا في السجن قد تُقتل أيضًا، لكنني لا أخاف. السجن مفتوح للأغبياء”.
يكتسب هذا الملف دلالة خاصة؛ فالقضية تتعلق مرة أخرى بالحشيش الذي يُستعمله الإعلام الإسباني كثيرًا لتغذية الصور النمطية عن المنطقة المغاربية، بينما الواقع يكشف أن شبكات التهريب عابرة للحدود ومتشابكة المصالح، تضم إسبانًا وفرنسيين وأوروبيين قبل غيرهم. اعترافات كوكي نفسها تُظهر أنّ الإغراء المالي وفساد بعض الدوائر الرياضية والاقتصادية الأوروبية جزء أساسي من المشكلة، وليس “مصدر الإنتاج” وحده.
كما تطرح القصة سؤالاً أخلاقيًا حول دور الشهرة والمال في صناعة الانهيار الشخصي لبعض الرياضيين، مقابل قصص كثيرة لنجوم مغاربة استطاعوا تحويل نجاحهم إلى مشاريع اجتماعية وإنسانية، بدل السقوط في مغامرات مدمرة.
باختصار، قصة كوكي ليست مجرد “فضيحة”، بل مرآة لواقع تهريب دولي معقد، يُفترض أن يُناقش بعيدًا عن الأحكام المسبقة التي اعتادت بعض وسائل الإعلام الإسبانية تسويقها حين يتعلق الأمر بالمغرب والمنطقة.
24/12/2025