kawalisrif@hotmail.com

مشروع قانون جديد يعيد تنظيم مهنة المحاماة ويمنح النيابة العامة صلاحيات غير مسبوقة

مشروع قانون جديد يعيد تنظيم مهنة المحاماة ويمنح النيابة العامة صلاحيات غير مسبوقة

أعاد مشروع القانون رقم 66.23 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة صياغة شاملة للمسطرة التأديبية الخاصة بالمحامين، من خلال إدخال تعديلات جوهرية مست مختلف مراحل المتابعة التأديبية، بدءاً من تحديد الأفعال التي تشكل إخلالاً بواجبات المهنة، مروراً بآليات المتابعة والتحقيق، وصولاً إلى العقوبات والإجراءات الجديدة التي تمنح النيابة العامة دوراً رقابياً واسعاً، بما في ذلك إمكانية طلب توقيف المحامي مؤقتاً عن ممارسة المهنة في حالات محددة.

وينص المشروع الذي أعدّته وزارة العدل، على أن كل فعل يمس بشرف المهنة أو نزاهتها أو يضر بسير العدالة وسمعة هيئة المحامين، يعدّ خطأً مهنياً يُعرّض صاحبه للمساءلة التأديبية، سواء ارتُكب أثناء مزاولة المهنة أو خارجها إذا كان مرتبطاً بها مباشرة. ويمنح النص الجديد الوكيل العام للملك أو وكيل الملك صلاحية التقدم بطلب معلّل إلى الجهة القضائية المختصة لإيقاف المحامي مؤقتاً عن مزاولة مهامه، متى كانت الأفعال المنسوبة إليه تشكل خطورة واضحة أو موضوع متابعة جنحية، على أن يكون هذا الإجراء احترازياً ومحدود المدة، مع ضمان حق الدفاع والتمكين من الاطلاع على الملف.

كما عزز المشروع الدور الرقابي للنيابة العامة، إذ خوّل للوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف حق الطعن في قرارات “الحفظ الصريح” التي يتخذها النقيب بخصوص الشكايات الموجهة ضد المحامين، مع إلزام مجلس الهيئة بالبت في هذه المنازعة داخل أجل شهرين. كما نص على إمكانية الطعن في القرارات التأديبية أمام غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف، سواء من طرف المحامي المعني أو من قبل النيابة العامة، ضماناً لرقابة قضائية على القرارات المهنية. وإلى جانب ذلك، أحدث المشروع نظاماً لتوثيق العقوبات عبر “بطاقة شخصية” لكل محام، تسجّل فيها جميع المقررات التأديبية، وتُحال نسخة منها إلى وزارة العدل لتتبع الوضع التأديبي للمهنيين.

وأعاد النص تحديد اختصاصات مجلس الهيئة والنقيب في مجال التأديب، حيث ألزم النقيب باتخاذ قرار معلل بشأن المتابعة خلال أجل شهر من التوصل بالشكاية، مع تعيين عضو مقرر لإجراء تحقيق حضوري يضمن حقوق الدفاع. كما تم تحديد آجال قصوى للبحث والفصل في القضايا التأديبية لتفادي بطء الإجراءات. واعتمد المشروع سلماً تصاعدياً للعقوبات يشمل التنبيه، الإنذار، التوبيخ، الإيقاف المؤقت، ثم التشطيب النهائي من الجدول، مع فتح إمكانية الطعن في جميع المقررات وفق مسطرة واضحة تخضع للرقابة القضائية.

وتؤكد المذكرة التقديمية للمشروع أن هذه التعديلات تهدف إلى ترسيخ مبادئ الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة وتعزيز ثقة المواطنين في مهنة المحاماة، دون المساس باستقلالية المحامي أو بحرية الدفاع باعتبارهما من ركائز العدالة. غير أن عدداً من المحامين عبّروا عن مخاوفهم من اتساع صلاحيات النيابة العامة، معتبرين أن إشراكها المباشر في مسطرة التوقيف المؤقت قد يمسّ بتوازن السلط، ويحتاج إلى ضمانات قانونية أقوى تحول دون أي توظيف محتمل لهذه الآلية في القضايا ذات الحساسية السياسية أو الحقوقية.

24/12/2025

مقالات خاصة

Related Posts