يناير – قرارات مفاجئة وبداية مضطربة
بدأت الولاية الثانية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإيقاع صاخب، إذ وقّع خلال أسبوعه الأول 36 مرسوماً تنفيذياً غيّر معالم السياسة الأمريكية تجاه إفريقيا. جمد المساعدات الخارجية وبرامج الصحة الحيوية، وأوقف استقبال اللاجئين، منهياً بذلك سياسة الانفتاح التي رسخها سلفه جو بايدن. كما أنشأ وزارة مؤقتة باسم “وزارة الكفاءة الحكومية” بقيادة إيلون ماسك، في خطوة اعتُبرت تمهيداً لتفكيك الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID). وفي خضم ذلك، فرض ترامب عقوبات على جنوب إفريقيا بحجة “الانتهاكات ضد المزارعين البيض”، ما أثار عاصفة من الانتقادات، وفتح الباب أمام توتر دبلوماسي مبكر بين واشنطن وبريتوريا.
فبراير – تفكيك المساعدات الأمريكية وتصاعد العقوبات
أعلن إيلون ماسك إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، واصفاً إياها بـ”الفاسدة وغير الفعالة”. أدى القرار إلى تسريح أكثر من 4500 موظف وتراجع المساعدات الإنسانية بمليارات الدولارات، ما تسبب بأزمة إنسانية حادة في دول إفريقية عديدة. وفي الوقت نفسه، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على وزير الدولة الرواندي جيمس كاباريبي، بتهمة دعم حركة “M23” المتمردة في شرق الكونغو الديمقراطية، كما تم إدراج المتحدث باسم الحركة على القائمة السوداء. بهذا، وجّهت واشنطن ضربة مزدوجة للقارتين الإفريقية والدبلوماسية، إذ فقدت نفوذها الناعم لصالح قوى أخرى أكثر حضوراً مثل الصين وروسيا.
مارس – الطاقة والجيش محور السياسة الجديدة
اختار ترامب ملف الطاقة كمدخل جديد للعلاقة مع إفريقيا. خلال “قمة الطاقة الإفريقية”، أعلن وزير الطاقة الأمريكي كريس رايت عن خطة للتوسع في مشاريع الوقود الأحفوري، وهو ما لقي ترحيباً من بعض القادة الأفارقة رغم المخاوف البيئية. في المقابل، أثار النقاش حول دمج قيادة القوات الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم) مع قيادة أوروبا قلقاً واسعاً، إذ رأى فيه المراقبون محاولة لتقليص الدور العسكري الأمريكي في القارة. إلا أن الكونغرس الأمريكي رفض الخطة وقرر الحفاظ على أفريكوم كقيادة مستقلة، مانعاً بذلك إضعاف النفوذ الأمني الأمريكي في إفريقيا.
أبريل – سباق المعادن وعودة واشنطن إلى الكونغو
أوفد ترامب مستشاره الجديد وصهر ابنته تيفاني، مسّاد بولوس، في جولة إفريقية شملت الكونغو الديمقراطية، رواندا، كينيا وأوغندا، بهدف تأمين اتفاقات لاستغلال المعادن الإستراتيجية، وخاصة الكوبالت والليثيوم. كما جمعت واشنطن وزيري خارجية الكونغو ورواندا لتوقيع “إعلان مبادئ للسلام”، في خطوة رمزية لإعادة واشنطن إلى الساحة الدبلوماسية الإفريقية. غير أن الرئيس الأمريكي فاجأ الأسواق بعدها بإعلان زيادة شاملة في الرسوم الجمركية على دول عدة، ما تسبب بذعر اقتصادي واسع قبل أن يتراجع عن القرار بعد ثلاثة أشهر.
ماي – أزمة اللاجئين والدبلوماسية المتعثرة
في مايو، زار الرئيس الجنوب إفريقي سيريل رامافوزا واشنطن محاولاً إصلاح العلاقات الثنائية، لكنه فوجئ برئيس أمريكي يكرر مزاعم “الإبادة البيضاء” ضد المزارعين في بلاده. وفي الوقت ذاته، وقعت إدارة ترامب اتفاقات مع دول إفريقية صغيرة، مثل إيسواتيني وغانا ورواندا، لترحيل المهاجرين غير المرغوب فيهم من الولايات المتحدة. كما أعلن المبعوث الأمريكي تروي فيترال عن خطط لعقد قمة اقتصادية أمريكية إفريقية في نيويورك، لكنها لم تُعقد لاحقاً بسبب الخلافات داخل الإدارة الأمريكية.
يونيو – حظر السفر وتهميش إفريقيا
فرضت إدارة ترامب قيوداً على إصدار التأشيرات لمواطني 12 دولة إفريقية بحجة مكافحة الإرهاب، وردّت تشاد بفرض قيود مماثلة على الأمريكيين. كما تم دمج مكتب الشؤون الإفريقية بوزارة الخارجية في إدارة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهو ما اعتُبر تراجعاً خطيراً في مكانة القارة داخل السياسة الخارجية الأمريكية. ومع ذلك، شهد الشهر ذاته انعقاد “قمة الأعمال الأمريكية الإفريقية” في لواندا بمشاركة 12 رئيس دولة وإعلان اتفاقات تجارية واستثمارية بقيمة 2.5 مليار دولار.
يوليوز – لقاءات رمزية وأزمات خفية
في يوليو، استقبل ترامب خمسة رؤساء من غرب إفريقيا في “غداء عمل” بالبيت الأبيض، بهدف تهدئة مخاوفهم من الرسوم الجمركية. غير أن اللقاء اتسم بالارتباك الدبلوماسي بعد تصريحات مثيرة للجدل للرئيس الأمريكي. في الوقت نفسه، صادق مجلس الشيوخ على تعيين الجنرال داغفين أندرسون قائداً جديداً لأفريكوم، في محاولة لإعادة بعض التوازن إلى السياسة العسكرية الأمريكية في القارة.
غشت– تصعيد تجاري وعودة إلى الساحل الإفريقي
أعلن ترامب عن قائمة جديدة من الرسوم الجمركية التي شملت الجزائر وجنوب إفريقيا وتونس، ما زاد التوتر التجاري. كما أرسلت واشنطن وفوداً أمنية إلى دول الساحل مثل بوركينا فاسو والنيجر ومالي، في إطار إعادة الانخراط مع الأنظمة العسكرية الحاكمة هناك، بعد فترة من القطيعة.
سبتمبر – سياسة صحية جديدة ونهاية حقبة “أغوا”
على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أطلقت إدارة ترامب إستراتيجية صحية جديدة بعنوان “أمريكا أولاً”، تستبدل دعم المنظمات غير الحكومية باتفاقات حكومية مباشرة. كما انتهت صلاحية قانون النمو والفرص الإفريقي (AGOA)، الذي كان أساس التعاون التجاري بين الجانبين لمدة 25 عاماً، قبل أن تعلن واشنطن عن منحة بقيمة 300 مليون دولار عبر مؤسسة التحدي للألفية لمشاريع كهرباء في ساحل العاج.
أكتوبر – أزمة نيجيريا واستراتيجية المحيط الهندي
وجه ترامب انتقادات حادة لنيجيريا متهماً حكومتها بالتقصير في حماية المسيحيين، وهدد بإرسال قوات أمريكية “لحماية الحرية الدينية”، ما أدى إلى أزمة دبلوماسية كبيرة. بالتوازي، أعلن مجلس الأعمال الأمريكي الإفريقي عن تنظيم أول قمة اقتصادية في جزيرة موريشيوس العام المقبل، ما اعتُبر تحولاً نحو التركيز على المحيط الهندي كمنطقة نفوذ جديدة.
نوفمبر – الغياب عن قمة العشرين الإفريقية
قاطع ترامب ونائبه جي دي فانس أول قمة لمجموعة العشرين تُعقد في إفريقيا، ما أثار استياء واسعاً في العواصم الإفريقية. ومع ذلك، أعلنت واشنطن عن جهود جديدة لإحلال السلام في السودان، إثر وساطة من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لكن نتائجها بقيت محدودة.
ديسمبر – اتفاق سلام هش وتمديد قانون “أغوا”
في ديسمبر، شهدت واشنطن توقيع اتفاق سلام بين الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي ونظيره الرواندي بول كاغامي، بحضور قادة أفارقة آخرين. غير أن الهدوء لم يدم طويلاً، إذ استعاد متمردو “M23” السيطرة على مدينة أوفيرا بعد أيام. وفي ختام العام، أقرّ الكونغرس تمديد قانون “أغوا” لثلاث سنوات إضافية، مانحاً القارة بصيص أمل في خضم عام من الاضطراب الدبلوماسي والسياسات الأمريكية المتقلبة.