kawalisrif@hotmail.com

الصحراء خارج الحسابات :     اليابان تُربك الدبلوماسية الجزائرية وتتجاهل ملفها الأبرز في لقاءات الجزائر

الصحراء خارج الحسابات : اليابان تُربك الدبلوماسية الجزائرية وتتجاهل ملفها الأبرز في لقاءات الجزائر

في زيارة رسمية وُصفت بالروتينية في مضمونها، استقبلت الجزائر نائب وزير الشؤون الخارجية البرلماني لليابان، يوهي أويشي، حيث أجرى هذا الأخير سلسلة لقاءات مع وزير الخارجية أحمد عطاف، وكذا مع الأمين العام للوزارة لوناس مقرمان. المباحثات ركزت، حسب البلاغات الرسمية، على سبل تطوير التعاون الثنائي، خصوصًا في شقه الاقتصادي، والتحضير لعقد الدورة السادسة من المشاورات السياسية بين البلدين، إضافة إلى تبادل وجهات النظر بشأن قضايا إقليمية ودولية عامة.

غير أن ما أثار الانتباه في هذا الحراك الدبلوماسي، ليس ما قيل، بل ما لم يُقَل. فخلافًا لما اعتادت عليه الدبلوماسية الجزائرية في لقاءاتها الخارجية، غاب ملف الصحراء المغربية كليًا عن جدول الأعمال، رغم كونه أحد أكثر الملفات حضورًا في خطاب الجزائر الخارجي، بل ومحددًا رئيسيًا لتحركاتها الدبلوماسية.

هذا الغياب لم يمر دون إثارة تساؤلات في الأوساط المتابعة للشأن الدبلوماسي، خاصة أن الجزائر غالبًا ما تحرص على إدراج هذا الملف في مختلف لقاءاتها الثنائية والمتعددة الأطراف. الاستثناء هذه المرة بدا لافتًا، وفتح المجال أمام قراءات تربط الأمر بطبيعة الشريك الياباني وموقفه المعروف من هذا النزاع.

فطوكيو، وفق معطيات دبلوماسية متداولة، تعتمد مقاربة شديدة الحذر تجاه قضية الصحراء، وتفضل عدم الزج بها في علاقاتها الثنائية، خصوصًا مع دول شمال إفريقيا. ويعزز هذا التوجه حرص اليابان على الحفاظ على علاقاتها الاستراتيجية المتنامية مع المغرب، والتي تشمل مجالات اقتصادية وتكنولوجية وتنموية واسعة.

وتكشف تجارب سابقة، لا سيما خلال قمم مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في إفريقيا (تيكاد)، أن اليابان تتعامل بحساسية واضحة مع أي محاولة لإقحام نزاع الصحراء في مسارات التعاون الإفريقي–الياباني، وهو ما يجعلها تميل إلى النأي بنفسها عن هذا الملف في اللقاءات الرسمية.
ولا يستبعد متابعون أن يكون تجاهل الملف خلال زيارة المسؤول الياباني ناتجًا عن تفاهم غير معلن، أو عن إدراك جزائري مسبق بعدم جدوى طرح القضية مع شريك دبلوماسي يحسم موقفه بوضوح ويفضل البقاء خارج دائرة الاستقطاب الإقليمي.

ويأتي ذلك في سياق موقف ياباني تم التأكيد عليه مؤخرًا قبيل الاجتماع الوزاري التحضيري لمؤتمر “تيكاد 9” المنعقد في يوكوهاما في غشت 2025، حيث جددت طوكيو عدم اعترافها بجبهة البوليساريو، وأوضحت أن عدم توجيه دعوة للكيان الانفصالي ينسجم مع قواعدها الدبلوماسية التي تحصر الدعوات في الدول التي تقيم معها علاقات رسمية.
في المحصلة، تعكس هذه التطورات محدودية قدرة الجزائر على فرض هذا الملف خارج دائرة حلفائها التقليديين، في مقابل تمسك اليابان بخط دبلوماسي متوازن، يركز على الشراكات الاقتصادية والتنموية، ويتجنب الانخراط في نزاعات إقليمية معقدة قد تهدد شبكة علاقاتها الاستراتيجية.

26/12/2025

مقالات خاصة

Related Posts