أعلنت الشركة الوطنية الفرنسية للسكك الحديدية عن الانطلاقة الرسمية للجيل الجديد من القطارات الفائقة السرعة مزدوجة الطوابق ابتداءً من فاتح يوليوز المقبل، على الخط الرابط بين باريس ومدن الجنوب الفرنسي وعلى رأسها ليون، أفينيون، إيكس ومارسيليا. وتراهن الشركة على هذا المشروع لمواكبة النمو المتزايد في عدد المسافرين خلال السنوات المقبلة، في خطوة تعتبر تحولًا بارزًا في مستقبل النقل السككي الأوروبي.
ويعد القطار الذي طورته شركة “ألستوم” نسخة مطورة من قطارات “الدوبلكس” التي دخلت الخدمة منذ 1995، لكنه يأتي بفلسفة جديدة تقوم على الاستدامة وتقليص استهلاك الطاقة وتحسين الأداء التقني. كما يركز الجيل الجديد على تعزيز الراحة والمرونة داخل العربات، مع مراعاة جودة السفر وتجربة الركاب.
ويتميز القطار بكونه أوسع وأكثر قدرة على الاستيعاب، إذ يتكون من تسع عربات ويوفر حوالي 740 مقعدًا، أي بزيادة تقارب 20% مقارنة بالجيل السابق. كما يوفر فضاءات لحمل الدراجات وخدمات بيسترو في الطابقين، إضافة إلى تصميم داخلي حديث بإضاءة هادئة ومساحات أكثر رحابة تجعل السفر أكثر راحة ومتعة.
وطلبت السكك الحديدية الفرنسية 115 قطارًا من هذا الطراز بقيمة تناهز 3,5 مليارات يورو، على أن تتواصل عمليات التسليم إلى غاية سنة 2031. وخلال مرحلة التجارب التي انطلقت سنة 2023، قطع القطار أكثر من مليون كيلومتر، مما يؤكد جاهزيته وقدرته العملية على الاندماج داخل الشبكة الوطنية.
ولا يقتصر المشروع على فرنسا فقط، حيث أعلنت شركة “يوروستار” عن اقتناء 50 قطارًا من الطراز نفسه على أن تدخل الخدمة في أفق 2031. وتندرج هذه الخطوة ضمن رؤية أوروبية لتوسيع شبكة الربط السككي السريع وتقوية التنقل المستدام داخل القارة، مع احتمال توسيع الربط نحو هولندا ومدن أخرى.
يعيد هذا التطور الأوروبي إلى الأذهان تجربة المغرب الرائدة باعتباره أول بلد إفريقي يدشن القطار فائق السرعة، كما يفتح النقاش حول توسيع الشبكة الوطنية مستقبلًا تماشياً مع المشاريع الكبرى التي ينجزها المغرب والطلب المتزايد على نقل حديث ونظيف. وما تقوم به فرنسا اليوم لا يمثل مجرد إطلاق قطار جديد، بل إعلانًا واضحًا عن مرحلة جديدة في عالم النقل السككي، عنوانها السرعة، الراحة، والابتكار المستدام.
26/12/2025
