عاد ملف زواج القاصرين ليشعل من جديد النقاش الحقوقي في المغرب، عقب تسجيل ارتفاع لافت في عدد طلبات الإذن بهذا النوع من الزواج خلال سنة 2024، وفق تقرير رئاسة النيابة العامة حول تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة. وكشف التقرير أن المحاكم توصلت بـ16.960 طلباً، أي بزيادة تفوق 11 في المائة مقارنة بسنة 2023، بعد تراجع سابق في الأرقام، ما أثار مجدداً مخاوف الجمعيات الحقوقية من استمرار الظاهرة رغم محاولات الحد منها.
الفاعلة الحقوقية غزلان ماموني، رئيسة جمعية “كيف ماما كيف بابا”، اعتبرت هذا الارتفاع “إشارة مقلقة لغياب حسم تشريعي واضح”، مؤكدة أن الحل يكمن في منع صريح لتزويج الفتيات دون سن 18 عاماً دون أي استثناء، لأن منح الإذن القضائي يجعل من الاستثناء قاعدة واقعية. وانتقدت استمرار التساهل مع الزواج غير الموثق أو ما يُعرف بـ“الزواج بالفاتحة”، معتبرة أنه يفرغ القوانين من مضمونها ويترك آلاف الطفلات عرضة للعنف والانقطاع المبكر عن الدراسة.
من جانبها، أوضحت ليلى أميلي، رئيسة جمعية “أيادي حرة”، أن نحو 17 ألف طلب في عام واحد يمثل “مؤشراً اجتماعياً خطيراً” يكشف هشاشة الجهود المبذولة في حماية الطفولة. وأرجعت استمرار الظاهرة إلى عوامل بنيوية كالفقر والهدر المدرسي واستمرار الأعراف التي تبرر الزواج المبكر. ورغم إشادتها بتشدد النيابات العامة في رفض غالبية الطلبات، أكدت أن الاستجابة لأكثر من 10 آلاف طلب تجعل من الاستثناء قاعدة سائدة. ودعت أميلي إلى مراجعة شجاعة لمدونة الأسرة، وخاصة المادة 20 التي تسمح بزواج القاصرات، وإلى تبني سياسة عمومية تعتبر الطفلة مواطنة كاملة الحقوق في التعليم والحماية والكرامة، مؤكدة أن القضاء وحده لا يستطيع مواجهة الظاهرة دون تعبئة شاملة للمجتمع والدولة.
27/12/2025