kawalisrif@hotmail.com

إسبانيا … اعتراف ضمني بقوة الدبلوماسية المغربية :     الرباط لا تقايض السيادة ولا تفرّط في ثوابتها

إسبانيا … اعتراف ضمني بقوة الدبلوماسية المغربية : الرباط لا تقايض السيادة ولا تفرّط في ثوابتها

تجد الصحافة الإسبانية نفسها مرة أخرى أمام حقيقة سياسية لم تعد قابلة للإنكار … المغرب لم يعد مجرّد جار من الجنوب، بل أصبح فاعلًا إقليميًا قويًا ورقمًا أساسيًا في معادلة شمال إفريقيا والمتوسط. وهذا الاعتراف قد يأتي ضمنيًا أو بعبارات ملتوية، لكنه يبقى حاضرًا في مضمون ما تنشره بعض المنابر الإسبانية، ومنها صحيفة لارازون، التي تعكس بوضوح إدراك مدريد أن العلاقات مع الرباط لم تعد تُدار بعقلية الماضي، وأن الحفاظ على توازنها واستقرارها يمر عبر فهم التحول العميق الذي عرفته الدبلوماسية المغربية خلال السنوات الأخيرة.

لقد أعاد المغرب بناء سياسته الخارجية على أساس رؤية واضحة تقوم على سيادة وطنية غير قابلة للمقايضة، وعلى شراكات مبنية على المصالح المتبادلة والندية، لا على الضغوط السياسية أو الحسابات الانتخابية الظرفية. لذلك فإن محاولة بعض الأصوات في إسبانيا تقديم دعم مدريد لمبادرة الحكم الذاتي المغربية كـ“تنازل سياسي” لا تصمد أمام الواقع؛ لأن المغرب لم يطلب معروفًا من أحد، بل فرض مقاربته الواقعية باعتبارها الحل العملي الوحيد المقبول دوليًا، وهو ما باتت قوى دولية كبرى تتبناه .

وفي الوقت الذي تحاول فيه بعض وسائل الإعلام تحميل المغرب مسؤولية تعثر بعض الملفات مثل الجمارك أو ترسيم الحدود البحرية، تبقى الحقيقة أن الرباط لم تغيّر من ثوابتها، بل تدير هذه الملفات بمنطق سيادي متوازن يرفض منطق الإملاء ويبتعد عن منطق “التنازلات المجانية”.

المغرب لا يغلق الأبواب في وجه التعاون، لكنه أيضًا لا يقبل أن تدار القضايا الحساسة إلا في إطار الندية والاحترام المتبادل والسيادة ، وهي معادلة جديدة يبدو أن بعض الأوساط الإسبانية لم تستوعبها بعد بشكل كامل.

أما فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية، فإن الوضع لم يعد كما كان قبل سنوات. فمع الاعترافات الدولية المتزايدة والدعم المتنامي للحكم الذاتي، أصبح المغرب اليوم في موقع من يحدد الإيقاع بدل أن يخضع له. وإذا كانت بعض الصحف الإسبانية تتحدث عن أن الرباط ستطالب مدريد بموقف أوضح، فإن ذلك لا يعكس ضغطًا بقدر ما يترجم استمرار مسار دبلوماسي ناجح أثبت أن الزمن يعمل لصالح الرؤية المغربية وأن الحل الواقعي لم يعد بحاجة إلى تبرير طويل.

تبدو إسبانيا اليوم أمام مفترق واضح: إما الاستمرار في إدارة العلاقات بمنطق الحذر وتجنب الأزمات دون قرارات جريئة، وإما الاعتراف الصريح بأن المغرب شريك استراتيجي على قدم المساواة، ولا يمكن التعامل معه بذهنية التفوق ، أو بمنطق المناورة السياسية. وما تحاول بعض وسائل الإعلام تقديمه كـ“انتقاد” للمغرب يتحول عمليًا إلى اعتراف بحقيقة واضحة: المغرب اليوم قوة دبلوماسية وازنة، ثابتة في مواقفها، مطمئنة لمشروعها الوطني، والوزن الحقيقي في معادلة المتوسط يوجد جنوبًا حيث دولة تعرف ماذا تريد وتعرف كيف تصل إليه.

28/12/2025

مقالات خاصة

Related Posts