مع اقتراب نهاية السنة الجارية، يعود ملف التسجيل في اللوائح الانتخابية العامة إلى الواجهة، بعد إعلان وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت أن الموعد النهائي لتقديم طلبات التسجيل برسم المراجعة السنوية سينتهي في 31 دجنبر الجاري، داعياً المواطنين غير المسجلين إلى اغتنام الفرصة قبل فوات الأوان. غير أن هذا الموعد يتزامن مع انشغال الرأي العام المغربي بالحماس الكبير المصاحب لتنظيم نهائيات كأس إفريقيا للأمم، ما دفع مراقبين إلى التحذير من “هدر انتخابي” محتمل بسبب تراجع الاهتمام بالعملية السياسية أمام الزخم الرياضي المتصاعد.
ويرى أستاذ العلوم السياسية عبد العزيز قراقي أن عملية التسجيل في اللوائح الانتخابية تمثل ركناً أساسياً في تجديد الكتلة الناخبة، لكنها تبقى رهينة بمدى وعي المواطنين وتحسيسهم بأهميتها. وأوضح أن نسب التسجيل عادة ما تكون ضعيفة خارج الفترات الانتخابية، إذ يعتقد كثيرون أن العملية لا تتم إلا قبيل الاستحقاقات، فيمر الموعد السنوي دون تفاعل يُذكر. واعتبر أن ضعف الحملات التواصلية للمؤسسات الرسمية والأحزاب السياسية يساهم في محدودية الإقبال، داعياً إلى إشراك الجامعات والمؤسسات التعليمية في حملات توعوية تستهدف الشباب، بوصفهم الفئة الأوسع والأكثر تأهيلاً للتسجيل.
من جهته، اعتبر المحلل السياسي رشيد لزرق أن تزامن موعد التسجيل مع ذروة انشغال المغاربة ببطولة “الكان” يمثل “عامل إقصاء زمني غير معلن”، مشيراً إلى أن التسجيل الانتخابي ليس عادة راسخة لدى الشباب، بل سلوك هش يتأثر بالمزاج العام والإيقاع الإعلامي. وأضاف أن هيمنة الحدث الرياضي على النقاش العمومي تُبعد القضايا السياسية إلى الهامش، ما يؤدي عملياً إلى حرمان فئة من الشباب من التسجيل دون قصد أو موقف سياسي. وختم لزرق بالتأكيد على أن تجاوز هذا “الهدر الانتخابي” يتطلب رؤية استراتيجية جديدة تُعامل الشباب كفاعلين سياسيين حقيقيين، عبر تسهيل إجراءات التسجيل، واعتماد تواصل فعّال يربط المشاركة الانتخابية بإحساس ملموس بالجدوى والتأثير في المستقبل الديمقراطي للبلاد.
28/12/2025