رغم التطورات المتسارعة التي عرفها ملف الصحراء المغربية والاختراقات الدبلوماسية التي حققتها الرباط في سبيل ترسيخ وحدتها الترابية، لا يزال النظام الجزائري متمسكاً بمواقفه التقليدية الداعمة للطرح الانفصالي، في تحدٍّ واضح للاتجاه الدولي الذي كرّسه قرار مجلس الأمن الأخير. ويُظهر هذا الموقف، وفق متابعين، محدودية رهانات الجزائر الخارجية واستمرارها في استنزاف مواردها في قضية فقدت زخماً وشرعية في سياق إقليمي ودولي متغير، يضع الاستقرار والتنمية في صلب أولوياته.
الناشط السياسي الجزائري المعارض شوقي بن زهرة أكد أن النظام الجزائري “لم يحقق أي مكاسب استراتيجية من دعمه لجبهة البوليساريو، بل تكبد خسائر اقتصادية ودبلوماسية كبيرة انعكست على صورة الدولة وعلاقاتها الخارجية”. وأوضح أن الجزائر باتت تعيش عزلة متزايدة بسبب ربطها علاقاتها مع الدول بموقفها من قضية الصحراء، ما تسبب في توترات حادة مع عدد من الدول المغاربية والأوروبية، أبرزها فرنسا. وأضاف أن “استمرار النظام في هذا النهج سيجر البلاد إلى مزيد من الخسائر دون أفق واضح”، في وقت تعيد فيه العديد من الدول تقييم مواقفها وفق منطق المصالح الواقعية.
من جانبه، شدد الباحث في العلاقات الدولية والقانون الدولي جواد القسمي على أن رفض الجزائر الانخراط الإيجابي في القرار الأممي رقم 2729 الداعم لمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية “سيكلّفها ثمناً سياسياً ودبلوماسياً باهظاً”، مؤكداً أن هذا التعنت سيؤدي إلى تضييق هامش المناورة أمامها، حتى لدى حلفائها التقليديين مثل الصين وروسيا. وأضاف أن “عزلة الجزائر ستزداد في المحافل الدولية، خاصة في ظل التقارب المغربي المتزايد مع الدول الكبرى، واحتمال تصنيف جبهة البوليساريو منظمة إرهابية من قبل واشنطن”. وختم القسمي بأن الجزائر اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما: إما مواصلة نهج المكابرة وتحمل كلفته المتصاعدة، أو الانخراط في مسار سياسي واقعي يفضي إلى حلّ دائم يقوم على مبادرة الحكم الذاتي كخيار وحيد قابل للتطبيق تحت السيادة المغربية.
29/12/2025