شهدت المملكة المغربية خلال السنوات الأخيرة طفرة نوعية في تنفيذ مشاريع السدود الكبرى، بفضل تسريع وتيرة الأشغال وتكثيف الجهود الوطنية لضمان الأمن المائي ومجابهة التحديات المناخية المتزايدة. وقد أسفرت هذه الدينامية عن رؤية متجددة ترتكز على الاستباق وتعبئة الموارد المائية في مختلف الجهات، بغية حماية الثروة المائية وتأمين تزويد السكان بالماء الصالح للشرب، مع دعم التنمية الفلاحية والاقتصادية ضمن مقاربة مستدامة بعيدة المدى. وبحسب موقع “الما ديالنا”، جرى الانتهاء من عدة سدود استراتيجية من أبرزها سد تيداس بالخميسات، وتودغى بتنغير، وأكدز بزاكورة، إلى جانب سدود فاصك ومداز وكدية البرنة التي ساهمت في تعزيز المخزون المائي والاستعداد لموجات الجفاف.
وفي سياق متصل، أكد المحلل السياسي والمتخصص في جغرافية التعمير إبراهيم بلالي اسويح أن تسريع إنجاز السدود يعكس تحولا عميقا في السياسة المائية للمغرب نحو نهج استباقي ومرن، يقوم على توزيع السدود بمختلف أحجامها جغرافيا لتقليص هشاشة المناطق أمام الجفاف. وأضاف أن التوجهات الملكية الحديثة ترتكز على ثلاثة محاور رئيسية تشمل تعبئة الموارد المائية التقليدية، واستغلال الموارد غير التقليدية كتحلية مياه البحر وإعادة استعمال المياه العادمة، إلى جانب ترشيد الطلب على الماء. واعتبر أن هذا التوجه يتماشى مع النموذج التنموي الجديد الذي يجعل من السيادة المائية ركيزة أساسية لتحقيق السيادة الاقتصادية ومواجهة تقلبات المناخ.
من جانبه، أوضح الخبير البيئي محمد بنعبو أن سياسة السدود التي أرسى دعائمها الملك الراحل الحسن الثاني تمثل استراتيجية وطنية بعيدة المدى تهدف إلى تحقيق الأمن المائي عبر بناء سدود كبرى ومتوسطة وصغرى. وأضاف أن المغرب يسعى اليوم إلى رفع قدرته التخزينية من 20 إلى 25 مليار متر مكعب من المياه، موازاة مع تطوير مشاريع تحلية المياه بعدة مناطق ساحلية. وأكد بنعبو أن هذه المشاريع تساهم في تعزيز الفرشات المائية وسقي الأراضي الزراعية وحماية المدن من الفيضانات، في إطار رؤية شاملة تدمج البعد البيئي والفلاحي والحضري، وتضمن استدامة الموارد المائية وتعزيز صمود المملكة أمام التحديات المناخية المقبلة.
29/12/2025