kawalisrif@hotmail.com

إسبانيا … دولة أوروبية بوسائل إفريقية ؟  مهربو المخدرات يحتلون السواحل والدولة عاجزة عن المقاومة

إسبانيا … دولة أوروبية بوسائل إفريقية ؟ مهربو المخدرات يحتلون السواحل والدولة عاجزة عن المقاومة

في وقتٍ تملأ فيه الحكومة الإسبانية الدنيا ضجيجًا بشعارات “الأمن” و“محاربة الجريمة المنظمة”، يبدو أن الواقع شيئًا آخر تمامًا: المهربون يتجولون فوق المياه الإسبانية كما لو كانوا في عطلة سياحية، والحرس المدني يشاهد “العرض” بلا وسائل وبلا تجهيزات… والوزارة، كالعادة، “تعرف كل شيء وتصمت”. مشهدٌ يذكّر المغاربة بالمثل الشعبي: “الدار عامرة بالثقوب والمعلّم ما زال كيقلب على الدبّانة”.

كشف تقرير صحفي حديث لموقع إسباني، نقلًا عن جمعية الحرس المدني الإسباني (AEGC)، أن مهربي المخدرات يستغلون العواصف والأحوال الجوية السيئة ليجدوا ملاذًا آمنًا على السواحل الإسبانية، بينما تعجز الأجهزة الأمنية عن مواجهتهم بسبب نقص الوسائل والمعدات اللازمة.

شهد يوم الأحد الماضي رصد أربع زوارق مهربة في منطقة كالا سيرادا بموريسيا، لكن عناصر الحرس المدني لم يتمكنوا من توقيفها لغياب القوارب الكافية والمناسبة للقيام بالملاحقة. وحسب الجمعية، فإن هذا المشهد أصبح متكررًا في مختلف سواحل البحر الأبيض المتوسط، خصوصًا في فالنسيا، موريسيا، جزر البليار والأندلس خلال أيام العواصف.

وأضافت الجمعية: «الوضع نفسه يتكرر في موريسيا، كابو دي غاتا (ألميريا)، برباتي (قادش) ونهر واد الكبير»، مؤكدة أن أسلوب عمل المهربين يبقى دائمًا دون عقاب بسبب عدم تدخل الحكومة.

تشير الجمعية إلى أن فرناندو غراندي-مارلاسكا، وزير الداخلية الإسباني، يعلم جيدًا أن المهربين يلجؤون إلى الموانئ والسواحل الإسبانية، لكن العناصر غير قادرين على القبض عليهم أو مصادرة الشحنات.

وتوضح الجمعية أن هذا الوضع يولد شعورًا بـالعجز والغضب الشديد لدى الحرس المدني، الذين يجدون أنفسهم عاجزين عن منع تهريب المخدرات إلى إسبانيا وأوروبا، مع ما لذلك من انعكاسات سلبية على المجتمع.

ذكرت الجمعية أنه خلال مأساة برباتي في 9 فبراير 2024، التي راح ضحيتها اثنان من عناصر الحرس المدني بعد أن دهسهما زورق مهربين، لم تكن هناك قوارب مجهزة لمواجهة الزورق، وحاول فريق GEAS التدخل بزورق غير مناسب، مما أدى إلى وفاة زميلين… ورغم ذلك لم يتغير شيء بعد الحادث.

يقوم المهربون بتحميل المخدرات في المغرب، أكبر منتج للحشيش في العالم، وفق تعبير الموقع قبل أن يفرغوها على السواحل الإسبانية لتوزيعها على أوروبا. وتبقى الجهات الوحيدة القادرة على مواجهة هذه الظاهرة هي عناصر الخدمة البحرية للحرس المدني، لكن غياب الوسائل المناسبة يمنعهم من التحرك.

تضيف الجمعية أن بعض الزوارق التي صادرتها الحرس المدني تُسرق اليوم من قبل المهربين، بسبب تركها مهجورة في ميناء الجزيرة الخضراء (قادش) من قِبل الحكومة. هذه الزوارق تتعرض لسرقة المحركات والرادارات والشاشات وأجهزة الاتصال، ليعاد بيعها في السوق السوداء واستعمالها مرة أخرى في عمليات تهريب جديدة.

فعلى سبيل المثال، يُقدَّر ثمن محرك خارجي بقوة 300 حصان بما بين 45 و50 ألف يورو، وكل زورق مهربين يكون عادة مجهزًا بثلاثة محركات على الأقل، بينما يتجاوز سعر الزورق شبه الصلب 200 ألف يورو.

وتطالب الجمعية وزارة الداخلية الإسبانية بتحريك كل الوسائل اللازمة بشكل عاجل لمواجهة هذه الظاهرة، وحماية عناصر الحرس المدني، مع الاعتراف بالمخاطر الحقيقية التي تواجهها هذه المهنة.

بين خطاب رسمي “مطمئن” وواقع أمني “مفضوح”، تبقى السواحل الإسبانية مفتوحة على مصراعيها، والمهربون يعيشون أفضل أيامهم، بينما الوزارة تُبرر، والحرس المدني يحتج، والمجتمع يؤدي الثمن. وربما حان الوقت لوزير الداخلية الإسباني أن يجيب عن سؤال بسيط جدًا: هل إسبانيا دولة تحارب التهريب… أم دولة توفر له الظروف المثالية ليزدهر؟

وما دام الوضع على هذا الحال، فلا داعي للصدمة إذا استيقظت مدريد يومًا لتكتشف أن المهربين لم يعودوا ضيوفًا على سواحلها… بل أصبحوا أصحاب البيت!

30/12/2025

مقالات خاصة

Related Posts