على بعد نحو ستين كيلومتراً من مدينة مراكش، وفي قلب مجمع غماسة الصناعي، تستعد مجموعة ماناجيم لإطلاق مشروع استراتيجي سيعيد ترتيب موقع المغرب داخل اقتصاد المعادن الحيوية المرتبطة بالطاقة النظيفة. يتعلق الأمر بأول مصنع بالمملكة لإنتاج كبريتات الكوبالت، المقرر دخوله الخدمة سنة 2026.
المصنع الذي تشيده شركة تشاينا إليكتروكس كوربوريشن سيصل إنتاجه إلى حوالي خمسة آلاف وثمانمائة طن سنوياً، اعتماداً على المعادن المستخرجة من منجم بوعازر، في خطوة تعكس تحوّلاً واضحاً في المقاربة الصناعية المغربية: الانتقال من تصدير المواد الخام إلى تصنيع منتجات صناعية ذات قيمة مضافة عالية.
المشروع لم يولد في فراغ، بل جاء مرتبطاً مباشرة بالصناعة العالمية؛ إذ إن حوالي ثمانين بالمائة من الإنتاج موجّه إلى شركة رونو لمدة سبع سنوات، بموجب اتفاق وُقّع سنة 2022. هذه الشراكة ليست تفصيلاً تقنياً، بل عنصر ثقة أساسي يجعل المغرب فاعلاً موثوقاً داخل سلاسل التوريد العالمية لقطاع السيارات الكهربائية.
بهذه الخطوة، لا يهدف المغرب فقط إلى تأمين موقعه كمورّد مستقر، بل يسعى إلى خلق منظومة صناعية محلية قوية مرتبطة بقطاع البطاريات والتنقل الكهربائي، بما يفتح الباب أمام استثمارات إضافية وفرص شغل جديدة.
طموح مجموعة ماناجيم لا يقف عند حدود الكوبالت. فالمجموعة تُسرّع كذلك مشروع منجم تيزرت بإقليم تارودانت، باستثمار يناهز أربعة مليارات درهم، بهدف مضاعفة إنتاج النحاس بالمغرب. كما تخطط لإنشاء وحدة لصهر النحاس لإنتاج الكاثودات المستخدمة في الأسلاك الكهربائية والمحركات وشبكات الشحن والدارات الصناعية.
وبالتوازي، يواصل المجمع الشريف للفوسفاط والمكتب الوطني للهيدروكربورات والمعادن تطوير مشروع بوتاش الخميسات، الموجه نحو تصنيع أسمدة إن.بي.كيه، في انسجام مع رؤية المغرب الرامية إلى تعزيز السيادة الصناعية والغذائية.
كل هذه المؤشرات تعكس حركة اقتصادية واضحة: المغرب يسعى لامتلاك حصة أكبر من القيمة الصناعية داخل حدوده، وعدم الاكتفاء بدور مزوّد للمواد الخام، بل التحول إلى فاعل صناعي محوري داخل سلاسل الإنتاج العالمية المرتبطة بالطاقة النظيفة والصناعة الكهربائية.
31/12/2025