في ظل استمرار موسم الجفاف وشح التساقطات المطرية وانخفاض مخزون السدود المائية، يتجه المغرب لإجراء عمليات تلقيح السحب بهدف إحداث الاستمطار الاصطناعي، إذ قرر المغرب ابتداء من نونبر الجاري، على غرار ماحدث في نفس الفترة من العام الماضي، البدء في عمليات تلقيح السحب بمواد كيميائية، لا تحمل ضررا على البيئة ويمكن أن تستهدف السحب الباردة البالغة درجة حرارتها خمس درجات مائوية تحت الصفر وأيضا السحب الدافئة.
وكان المغرب قد نفذ بين نونبر ودجنبر من السنة الماضية، 5 عمليات تلقيح للسحب، بهدف الرفع من كمية التساقطات إلى نسبة أقصاها 17 بالمائة. القيام بهذه العمليات مخول للقوات المسلحة الملكية عن طريق طياريها العسكريين وخبرائها التقنيين، إلى جانب عناصر الدرك الملكي، عبر برنامج يسمى “غيث” والذي شرع المغرب في تنفيذه ذاتيا ابتداء من سنة 1996 بعد شراكة كانت قد جمعته بالوكالة الأمريكية للتنمية الدولي.
وعادة ما يختار المغرب منطقة الأطلس لتنفيذ هذه العملية عبر 3 محطات هي بني ملال والحاجب وأزيلال على اعتبار أنها تعرف تشكل السحب المناسبة لعملية التلقيح، وتتطلب تنسيقا بين مصالح الأرصاد الجوية والدرك الملكي اللتان تحددان، عبر إمكاناتهما التقنية واللوجيستية وانطلاقا من تنبؤات الأقمار الاصطناعية، الموعد المناسب للتنفيذ، قبل تدخل القوات الجوية التي تلقح السحب بمادة “يودير الفضة” أو ملح “كلورير الصوديوم” حسب درجة حرارتها.
وتأتي هذا الإجراء، في ظل الشح الكبير الذي تعرفه التساقطات في البلاد، حيث لم تشهد المملكة إلى حدود بداية نونبر الجاري، تساقطات مطرية غزيرة كافية لإنعاش آمال الفاعلين في القطاع الفلاحي، الأمر الذي يُنذر بالجفاف وبمردودية فلاحية جد ضعيفة، في حالة عدم التدخل لإيجاد حلول.
كما أن هذه الخطوة تأتي أيضا في ظل تسجيل منسوب منخفض للمياه في السدود المغربية، حيث قال وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي إن الموسم الفلاحي الحالي ينطلق بمخزون سدود جد منخفض مقارنة مع السنوات العشر الماضية، إذ بلغت التساقطات المطرية، إلى غاية 31 أكتوبر الماضي، 21,8 ملم، أي بانخفاض قدره ناقص 45 بالمائة مقارنة مع سنة عادية (معدل 30 سنة)، ومقابل 6,1 ملم خلال الموسم الفارط (زائد 25 بالمائة).
وسبق لوزير التجهيز والماء، نزار بركة، أن كشف عن الإجراءات التي يتم اللجوء إليها لمواجهة قلة التساقطات، البرنامج الوطني “الغيث”، والذي يهدف إلى رفع نسبة الأمطار أو الثلوج باستعمال تقنية تلقيح السحب، ابتدءا من نونبر إلى ابريل من كل سنة، والتي تستعمل مواد كيميائية غير ضارة بالبيئة مثل “يودير الفضة” بالنسبة للسحب الباردة (-5درجة) و”ملح كلورير الصوديوم” بالنسبة للسحب الدافئة.
وبدأ العمل بـ “برنامج الغيث” بدءا من سنة 1984 بمبادرة من الملك الراحل الحسن الثاني وبشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية عقب توالي سنوات الجفاف 79-83، مشيرا إلى أن هذه التقنية تمكن من زيادة التساقطات بين 14 و17 بالمائة.
وبلغت عدد عمليات برنامج الغيث خلال الفترة الممتدة من نونبر إلى دجنبر 2021، حوالي 5 عمليات جوية قصد الاستمطار الاصطناعي في 02/12/2021، و23 عمليات أرضية قصد الاستمطار الاصطناعي من 03/11/2021 إلى 25/12/2021.
05/11/2022