تمر العلاقات بين الجزائر وفرنسا، بتوتر يتراقص بين الصامت والعلني، سيّما بعدما بدأت مؤشرات الخلاف تطفو إلى السطح تدريجيا وقد تنفجر في أي لحظة، وسط دخول اليمين الفرنسي ومجلس الشيوخ على خط مطالب وقف الاتفاقية الفرنسية الجزائرية بشأن الهجرة، واتهامات لقصر المرادية باستهداف باريس.
الدعوة إلى الإجهاز على اتفاقية التنقل الموقعة بين باريس والجزائر في العام 1968، والتي تمنح امتيازات مهمة للمهاجرين الجزائريين، قادها رئيس الوزراء الفرنسي السابق إدوارد فيليب، الذي دعا إلى إطلاق النقاش حول هذه الاتفاقية، في قوله “هناك علاقات تاريخية قوية للغاية بين فرنسا والجزائر، لكن الحفاظ على مثل هذا النظام اليوم لم يعد يبدو مبررًا بالنسبة لي”.
واعتبر السياسي الفرنسي ورئيس بلدية “لو هافر” أن هذه الاتفاقية “تحدد بشكل كامل القانون المطبق على دخول وإقامة الرعايا الجزائريين، بشروط أفضل بكثير من النظام المعمول به، وهي ميزة كبيرة لا يتمتع بها أي مواطن من دولة أخرى”.
وحذّر إدوار فيليب في السياق ذاته، من أي تسوية سياسية قد تطيح بالمقترحات الجديدة على قانون الهجرة، معلنا تأييده لمقترحات وزير العمل على القانون، والتي ببساطة تشجع على الهجرة الانتقائية وجلب المهاجرين-العمال المطلوبين في قطاعات مهنية واقتصادية معينة.
وهذا المطلب الفرنسي، أيّده رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جيرار لاريشر، عندما شدّد على أنه وبعد 25 عامًا من العمل بالاتفاقية المذكورة، “تغيرت الظروف، ووجب إعادة النظر في هذه المعاهدة في أقرب وقت”.
وتمنح الاتفاقية الفرنسية الجزائرية بشأن الهجرة لعام 1968 وضعًا خاصًا للجزائريين دون غيرهم، إذ تخصهم بنظام تفضيلي خاص يسهل دخولهم إلى التراب الفرنسي، إضافة إلى عدد من الامتيازات عند تأسيس الشركات والمقاولات، كما يستفيد المواطنون الجزائريون المتزوجون من فرنسيات، بموجب الاتفاقية ذاتها، من تصريح إقامة لمدة 10 سنوات بعد عام واحد على الزواج.
الاتفاقية التي تم توقيعها بعد ست سنوات من استقلال الجزائر، تمكن الجزائريين أيضا من ممارسة أي نشاط تجاري أو مهنة مستقلة، ولديهم وصول أسرع من مواطني البلدان الأخرى إلى إصدار تصريح إقامة لمدة 10 سنوات، كما يتلقى أفراد الأسرة أيضًا شهادة إقامة لمدة 10 سنوات عند الوصول، إذا كان الشخص الذي ينضمون إليه يحمل هذا اللقب.
ويمكن للجزائريين أيضًا، بموجب هذه الاتفاقي الفرنسية الجزائرية، أيضا التقدم بطلبات للحصول على شهادة لمدة 10 سنوات بعد ثلاث سنوات من الإقامة، وذلك مقارنة بخمس سنوات للجنسيات الأخرى بما فيها المغربية والتونسية المستعمرات السابقة لباريس.
ولا يُعد نقاش وقف العمل بالاتفاقية المذكورة جديدا بالمطلق، بحيث سبق إثارته من طرف القادة السياسيين الفرنسيين، في عدة مناسبات، على غرار كزافيي دريونكور، السفير الفرنسي الأسبق في الجزائر، الذي أكد هو الآخر في حوار سابق مع “لوفيغارو” الفرنسية، أن “السياق الحالي يختلف عن ذلك الذي وقعت في الاتفاقية” ووجب مراجعة الاتفاقية، سيّما وأن “معاملة الجزائريين بشكل تفضيلي يعيق من فعالية السياسات الحكومية للحد من الهجرة إلى فرنسا”.
كواليس الريف: متابعة
13/06/2023